والآداب والأخلاق الإسلاميّة التي يُربّي الإسلام عليها أبناءه سارية المفعول في التعامل بين أفراد المجتمع مع تنوّع أديانهم ، وليست خاصّة بالمسلمين فيما بينهم.
روي أنّ غلاماً لابن عباس ذبح شاة ، فقال له ابن عباس : إذا سَلخْتَ فابدأ بجارنا اليهودي ، ثمّ كرّرها حتّى قال له الغلام : كم تقول هذا؟ فقال ابن عباس : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يزل يوصينا بالجار حتّى خشينا أنّه سيورّثهُ (١).
ومعنى هذا : أنّ الإسلام لا يفرّق في مكارم الأخلاق ، وحقوق الاجتماع بين المسلم وأي مخالف آخر ، فالكلّ في نظره سواء.
وهذا أيضاً ممّا يكرّس حالة الانسجام والتعايش بين المواطنين المتنوّعين دينيّاً ، فالتمايّز الديني لا يؤثّر في التكافل الاجتماعي والاحترام المتبادل.
فالفقير والمحتاج يستحقّان المساعدة من المجتمع ، دون النظر لدينه وعقيدته ؛ حيث تَحُلُّ الصدقة أيضاً على فاسق وكافر من يهودي ونصراني ، أو مجوسي ذمي أو حربي ، لقوله تعالى : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً) (٢).
ومعلوم أنّ الأسير في الآية حربي (٣).
والتمايز الديني لا يمنع المشاركة في تحصيل المكاسب ، والاستفادة من فرض
__________________
١ ـ راجع رسالة الحقوق ـ لحسن القباني ٢ ص ٥٣٤.
٢ ـ سورة الإنسان : الآية ٨ ـ ٩.
٣ ـ راجع الفقه الإسلامي وأدلّته ـ وهبة الزحيلي ٢ ص ٩٨.