الإنسان من حرية اختيار ، وأودع في نفسه من نوازع الخير والشرّ ، أمّا الحسم والفصل بين أتباع هذه الديانات فهو مؤجّل إلى ما بعد الحياة الدنيا.
يقول الله سبحانه وتعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (١).
والمتمعّن في جوهر المعنى القرآني في هذا المجال ، وضمن سياقه الموضوعي ، يلاحظ دون أدنى شكّ إلى طبيعة الإقرار القرآني بحقيقة الاختلاف الديني بين بني البشر ، والآية الكريمة تذكر أتباع ست ديانات كانت معروفة وسائدة آنذاك ، بل ويبسط مدارات الحديث عن ذلك في أكثر من جهة وموضوع.
فأوّلاً : لا يمكن إلغاء حالة التعدّد الديني بالقوّة والفرض حيث يقول : (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) (٢) ، ويقول : (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) (٣).
ثانياً : على المؤمن بدين الله أن يعتمد الأسلوب اللائق المناسب في الدعوة إلى دينه ، دون تهريج أو تجريح ، أو تشنّج وانفعال ، قال تعالى في كتابه الكريم : (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (٤).
ثالثاً : يفترض أن يستهدف الإنسان من تديّنه الوصول إلى الحقيقة ، فلا بدّ له
__________________
١ ـ سورة الحج : الآية ١٧.
٢ ـ سورة البقرة : الآية ٢٥٦.
٣ ـ سورة الكافرون : الآية ٦.
٤ ـ سورة النحل : الآية ١٢٥.