ولكن الإمام عليهالسلام لم يخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً ، وإنّما خرج لطلب الإصلاح في أُمّة جدّه ، وليسير بسيرة جدّه وأبيه أمير المؤمنين ، والله ورسوله قطعاً مع الحسين عليهالسلام ونهضته ، وليس مع يزيد وطغيانه وفساده وتهتّكه.
ولكن دعه مع إمامه يزيد ، ودعنا وإمامنا الحسين عليهالسلام ، خير لبني الإنسان ألف مرة أن يكون فيهم خُلقٌ كخُلق الحسين الذي أغضب يزيد بن معاوية ، من أن يكون جميع بني الإنسان على ذلك الخُلق الذي يرضى به يزيد (١).
إنّه كلام حقّ لا يرضى به ابن تيمية وأمثاله من السلفيّة والوهابيّة الذين يرون ويعتقدون بإمامة يزيد الدينيّة والدنيويّة ، ويطالبون السبط الشهيد عليهالسلام بالبيعة والاعتذار عمّا بدر منه في نهضته ؛ لأنّه أوجب الفتن على إمامهم يزيد.
وأعجب شيء أن يُطلب الحسين بن علي أن يبايع مثل هذا الرجل ، ويزكّيه أمام المسلمين ، ويشهد له عندهم أنّه نِعمَ الخليفة المأمول ، صاحب الحقّ في الخلافة ، وصاحب القدرة عليها!
ولا مناص للحسين من خصلتين : هذه البيعة ، أو الخروج ؛ لأنّهم لن يتركوه بمعزل عن الأمر لا له ولا عليه.
إنَّ بعض المؤرّخين من المستشرقين وضعاف الفهم من الشرقيين ، ينسون هذه الحقيقة ولا يولونها نصيباً من الرجحان في كفّ الميزان.
وكان خليقاً بهؤلاء أن يذكروا أنّ مسألة العقيدة الدينية في نفس الحسين بن
__________________
١ ـ أبو الشهداء الحسين بن علي ص ١٠٨.