و (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (١).
ولم يكتفِ كذلك بهذه الموبقة العظيمة ، بل راح يمنع الناس من الحضور في مجالس الذكر ، ومَنْ رفع أصواتهم بالذكر المأمور به كالتسبيح والتهليل والتكبير ، وقراءة القرآن أو الدعاء للمؤمنين ، وراح يحارب تلك المجالس العامرة بالنور ، والتي تحفّها الملائكة حيث تنزل ؛ لتتبرّك بحضور مثل تلك المجالس النورانيّة العامرة بالإيمان.
واعتبروا ذلك كلّه من بدع الصوفية ؛ ولذا حين جاء (الوهابيون) حرّموا مظاهر التصوّف كالاجتماع على الذكر ، وقراءة القرآن ، والصلاة على النبي صلىاللهعليهوآله بعد الأذان ، وحمل المسبحة ، كما حاربوا اسم التصوّف بشكل عام ، وأوّل مَنْ ابتدع ذلك محمد بن عبد الوهاب النجدي.
ومحاربة الذكر ومظاهر التصوّف ، هي ممّا افترق به محمد بن عبد الوهاب ومَنْ جاء بعده من المتمسلفين عن قدامى أئمّتهم مثل ابن تيميّة وغيره (٢) ؛ لأنّ هذا الأخير يمتدح الصوفية وكلّ مظاهرها لا سيما الذكر والاجتماع عليه.
فما عسانا أن نقول عن كلّ هذه الأقوال والتصرّفات البعيدة كلّ البعد عن الدين الإسلامي الحنيف ، بل هي بعيدة عن الإنسانيّة وأخلاقيّات الوفاء للعظماء المتعارف عليها في كلّ عصر ومصر (٣)؟!
__________________
١ ـ سورة الأحزاب : الآية ٥٦.
٢ ـ السلفية الوهابيّة ص ٧٥.
٣ ـ حقيقة الحديث عن الصوفية والتصوّف ، هل طريقتهم يقرّها الإسلام؟ وهل هي مطابقة لسُنّة الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله؟ هذا ممّا يحتاج إلى دراسة وبحث وتحقيق.