وساعي البريد كما هو معلوم شخص مجهول في معظم الأحيان ، بل هو مُهان كذلك لدناءة وظيفته عند الجهّال ، وتأثيره فيمَنْ يرسل إليهم لا يتعدّى الخبر الذي يحمله ، أو الرسالة التي يبلغها إليهم إذا ما عرف فحواها ، ويتركهم ويمضي دون ذكر أو تأثير في حياتهم الخاصّة أو العامّة إلاّ أن يذكره ذاكر.
فهل كان رسول الله صلىاللهعليهوآله كذلك؟ (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ)!
ولا أدري وربما لا أفهم من معنى الكلمة غير الذي فهمه وشرحه ذاك الشيخ الجليل ؛ لأنّ الطرش تعني ببعض لغات العرب : (الدواب) لا سيما الماشية (الغنم والمِعزَى) خاصة.
ويكون (الطارش) هو صاحب (الطرش) والمسؤول عنه : أي الراعي. وكما هو معلوم فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يرعى الغنم في مكة المكرّمة في بدايات شبابه وأوائل صباه ، وبالرواية عنه صلىاللهعليهوآله : «ما من نبيّ ولا رسول إلاّ ورعى الغنم ، إلاّ إدريس فإنّه كان بزازاً (خياطاً)» (١).
أعتقد والله العالم أنّهم يعنون أنّ رسول الله كان راعياً للغنم لا أكثر ولا أقل ، فما عساه أن تكون قيمته عندهم وهو بهذه الوظيفة! والأدهى قول أحدهم : إنّ محمّداً رسول الله صلىاللهعليهوآله زينة كالخاتم في اليد للزينة ، إنّه خاتم باليد فقط ، وينزع خاتمه من يده للإيضاح أمام مَنْ يسمعه ، فهل سمعت بهذا التفسير العجيب الغريب؟!
__________________
١ ـ وسائل الشيعة ١٧ ص ٤١ ، مستدرك الوسائل ١٣ ص ٢٦.