والمتصرّف المختار ، والمالك الكلّي لأمور الدنيا والآخرة كلّها ، والمتصرّف فيها بالتدبير الحكيم ، ولو دعا العبد أو نادى أيّ موجود آخر في هذه الحياة بهذا الوصف تماماً أو بعضاً ، فالدعاء والنداء عبادة له وشرك بلا كلام أو نزاع في ذلك.
وعلى ذلك ، فلو خضع واحد منّا أمام موجود زاعماً بأنّه مستقل في ذاته أو فعله لصار الخضوع عبادة ، بل لو طلب فعل الله من غيره لكان هذا الطلب نفسه عبادة وشركاً(١).
هذا هو المعنى الحقيقي للعبادة ، وليس كلّ ما يذهب إليه أتباع محمد بن عبد الوهاب من أنّ كلّ خضوع أو خشوع ، أو دعاء أو استغاثة ، أو زيارة هي عبادة لذاك الذي نتوجّه إليه ؛
لأنّ التوجّه إلى أيّ شيء أو أحد دون اعتقادٍ جازمٍ بألوهيةٍ ، أو جزءٍ من ألوهيةٍ في مَنْ نتوجه إليه ، أو أنّه يملك استقلالية ذاتية في تصرّفه ، أو تصريف شؤون أو بعض شؤون هذا الكون الفسيح لا يعتبر عبادة أو شركاً.
__________________
١ ـ التوحيد والشرك في القرآن الكريم ص ٨٨.