كما تحدّثنا السورة المباركة بقوله تعالى : (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً) (١).
ورؤياه التي يتذكّرها هي : (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) (٢).
وقد تحقّقت هذه الرؤيا بعد سنوات عجاف طويلة ، بحيث سجد ليوسف أبواه وإخوته جميعاً عندما اجتمع شملهم تحت ظلّه وملكه لمصر ، علماً بأنّ أحد الساجدين هو والده يعقوب عليهالسلام وهو نبيّ كما لا يخفى عليك أخي العزيز.
ألا ترى أنّ تعبير القرآن واضح وصريح بسجودهم ليوسف عليهالسلام؟
وعن هذا البيان القرآني يستفاد جليّاً أنّ مجرّد السجود لأحد بما هو مع قطع النظر عن الضمائم والدوافع ليست عبادة ، والسجود كما نعلم هو غاية الخضوع والتذلّل (٣).
إذ أنّه ليس كلّ خضوع بركوع أو سجود أو تذلّل يعتبر عبادة ، ويعتبر فاعلها مشركاً بالله كما يذهب أصحاب الفكر الوهابي ، والقرآن الكريم يؤيِّد ما نذهب إليه ويدحضهم بكلّ قوّة في العديد من الموارد والآيات المباركة.
إنّ الله سبحانه وتعالى ، ورسوله الكريم صلىاللهعليهوآله والعترة الطاهرة عليهمالسلام ، والأولياء والصلحاء والعقلاء يأمرون الولد بالخضوع لوالديه احتراماً
__________________
١ ـ سورة يوسف : الآية ١٠٠.
٢ ـ سورة يوسف : الآية ٤.
٣ ـ التوحيد والشرك ص ٥٣.