السماء هو الذي يرزقهم (١).
وأتباع هؤلاء اندسّوا في الإسلام منذ أوائل تبلوره وتجسيده كدولة وكقوّة دينية ودنيوية ، وهذا ما اعترف به أحد مشايخ الوهابيّة بقوله : وتسرّب الإسرائيليات إلى المسلمين ، ومبدأ دخولها في علومهم أمر يرجع تاريخه إلى عهد الصحابة ؛ وذلك لأنّ القرآن يتّفق مع التوراة والإنجيل في ذكر بعض المسائل والحوادث التاريخية (كقصص الأنبياء) ، وإن كان بينه وبين التوراة والإنجيل فرق كبير ، وهو الإيجاز الذي يتميّز به القرآن ويجعله كمعجزة ، والإطناب والتفصيل الذي يتّصف بهما التوراة والإنجيل ، إضافة إلى تحريفهما وتغييرهما كما نصّ القرآن على ذلك (٢).
وأمّا أخبار أبي هريرة الدوسي وتدليسه في الحديث ، وكذبه الفاضح على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وتدجيله لصالح معاوية بن أبي سفيان تحت تأثير بطنته ، ومضيرة معاوية اللذيذة حتّى سمّاه الشيخ محمود أبو رية المصري (شيخ المضيرة) فإنّ حديثه يطول تتبّعه ، وما على الباحث إلاّ قراءة ما كتبه السيد عبد الحسين شرف الدين والشيخ أبو رية ، كلّ في كتابه عن أبي هريرة.
ويروى بخصوص ما نحن فيه أنّ التابعي الكبير بسر بن سعيد ، كان يقول : (اتّقوا الله وتحفّظوا من الحديث ، فو الله رأيتنا نجالس أبا هريرة فيحدّث عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ويحدّثنا عن كعب الأحبار ثمّ يقوم ، فأسمع بعض مَنْ كان معنا يجعل حديث رسول الله صلىاللهعليهوآله عن كعب ، ويجعل حديث كعب عن رسول
__________________
١ ـ فتاوى ابن تيمية ٥ ص ٦٠٤.
٢ ـ السلفية والوهابيّة ص ٢٧.