فضحك الإمام الحسين عليهالسلام ثمّ قال : «خَصَمَكَ القوم يا معاويةُ ، لكنّنا لو قتلنا شيعتك ما كفّناهم ولا صلّينا عليهم ولا قبرناهم ، ولقد بلغني وقيعتك في عليّ عليهالسلام وقيامك ببغضنا ، واعتراضك بني هاشم بالعيوب ، فإذا فعلت ذلك فارجع إلى نفسك ، ثمّ سلها الحقّ عليها ولها ، فإن لم تجدها أعظم عيباً فما أصغر عيبك فيك ، وقد ظلمناك يا معاوية ، فلا توترنّ غير قوسك ، ولا ترمينّ غير غرضك ، ولا ترمنا بالعداوة من مكانٍ قريبٍ ؛ فإنّك والله لقد أطعت فينا رجلاً ما قدم إسلامه ولا حدث نفاقه ، ولا نظر لك ، فانظر لنفسك أو دع» (١).
يعني بقوله الأخير عمرو بن العاص ، ذاك الجلف المجافي عن الدين والإسلام والحقّ الذي كان أعدى أعداء الله وأهل بيت رسوله (صلوات الله عليه وآله أجميعن).
وخَصمَه القوم ، يعني أنّه اعترف بعظمة لسانه أنّه قتل أناساً مؤمنين من أهل الإسلام الحنيف ، ورغم قتلهم فإنّهم أهلٌ أن يُحترموا بالغسل والكفن والصلاة الواجبة لموتى المسلمين ، وكتاب الله وأحاديث الرسول صلىاللهعليهوآله تشدّد النكير على (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) (٢) (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا) (٣) ، فكيف مَنْ قتل عدداً غير قليل من المؤمنين المخلصين ظلماً وعدواناً؟!
وأمّا الإمام عليهالسلام ، فلو قتلهم أو قتل أحداً من أصحاب معاوية لما قام له بأيّ
__________________
١ ـ الاحتجاج ٢ ص ١٩ ، كشف الغمّة ٢ ص ٢٠٥ ، وسائل الشيعة ٢ ص ٧٠٤ ح٣.
٢ ـ سورة المائدة : الآية ٣٢.
٣ ـ سورة النساء : الآية ٩٣.