ويقولون : إنّ أظهر خاصة تتميّز بها هذا الكلمة هي صدور الأفعال عن الإنسان من دون إمعان فكر أو إعمال رويَّة (١).
وبالتأمّل في معاني هذه الكلمة مع ملاحظة الأفياء والظلال المرافقة لها ، لاح لي أنّ الخيط الدقيق الواصل بينها هو : التقدير والتسوية بالإملاس.
فالله سبحانه قد خلق الإنسان إبداعاً ، وزودّه بالعقل ، وميّزه بالإرادة ؛ ليتمكّن من الفعل والترك ، وتحمّل مسؤولية التكليف الشرعي.
وكأنّما العقل والقابليات من خَلْق وتقدير الله سبحانه للإنسان ، وأمّا التَّسوية والإملاس لطبائعه فإنّها عن طريق الرسالات السماوية (الدين الإلهي) ؛ لأنّ وظيفة الرسالة تهذيب الأخلاق المقدَّرة وإملاسها وتليينها حتّى تأتي النفس الإنسانيّة إلى بارئها (رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً).
والإنسان العاقل فعلاً لا يرضى إلاّ بالجنّة ونعيمها الدائم.
والله سبحانه وتعالى لا يرضى منه إلاّ الأعمال الصالحة التي أمره بها ، أو ندبه إليها.
ومن هذا المنطلق ، ذهبت مدرسة أهل بيت النبوّة والطهارة (صلوات الله عليهم) إلى أنّه : لا دين بلا أخلاق ، ولا أخلاق بلا دين وإيمان بربّ العالمين. وهذا ما نستفيده من هذه الحكمة النورانية الرائعة للإمام الحسين عليهالسلام التي يقول فيها : «ما أخذ الله طاقة أحد إلاّ وضع عنه طاعته ، ولا أخذ قدرته إلاّ وضع عنه
__________________
١ ـ الأخلاق عند الإمام الصادق عليهالسلام ص ١٣.