لأنّ الفقه أسلس قياداً ، والفقيه أكثر تسامحاً ، أمّا العالم الخُلقي فإنّه يطبّق نظامه بحزم ، ويقرّر نتائجه بدقّة ، ولا يجد في المخالفة عذراً لمعتذر ، ولا سيما إذا كان ذلك العذر أحد المحظورات الخُلقيّة كالجهل.
وإذاً ، فمن الرشد أن يكون العلم أوّل شيء يفرضه علم الأخلاق (١) ، ولما تقدّم نعرف سبب تقسيم العلماء الحكمة إلى النظرية والعمليّة.
فالحكمة النظريّة : هي الأفكار الحكيمة والأقوال الحكيمة التي تنطلق من عقول وآراء حكماء البشر ، لا سيما الكاملين منهم والمعصومين بالذّات وبالخصوص الأئمّة الكرام عليهمالسلام ، وإذا استعرضنا كلمات الإمام الحسين عليهالسلام سنجد أنّها لا تخرج عن هذا القانون قيد أنملة.
أمّا الحكمة العمليّة : فهي تطبيق تلك الأفكار النورانيّة على أرض الواقع في الحياة الدنيا ، وأمثل تطبيق للحكمة الإلهيّة هو ما أولَّه وطبّقه قادة الإسلام العظام ، كلّ في زمانه ومكانه الذي عاش فيه.
والحكمة ؛ النظريّة منها والعمليّة ، تتجلّى في النهضة المباركة للإمام الحسين عليهالسلام ، والدارس المدقّق ، والمنصف لتلك النهضة يراها حكيمة من ألفها إلى يائها ، من البداية إلى حيث النهاية المأساويّة على بطاح كربلاء بالسمو الأعظم بالشهادة المقدّسة.
ولسنا هنا في مقام البحث التفصيلي لإثبات الحكمة في كلّ عمل أقدم عليه الإمام الحسين عليهالسلام في مسيرته المباركة ؛ لأنّ ذلك يطيل بنا المقام ، والوقوف
__________________
١ ـ الأخلاق عند الإمام الصادق عليهالسلام ص ٥٣ ـ ٥٤.