فَنِعَمُ الخالق على المخلوقات لا تُحصى ولا تُعدّ ؛ ولذا يتعذّر الشكر عليها وتأدية واجب ذلك للمنعم بها علينا. يقول الإمام عليهالسلام بعد الالتفات إلى عجيب خلق الإنسان :
«فسُبحانك سُبحانك من مُبدئ مُعيدٍ ، حميدٍ مجيدٍ ، وتقدّستْ أسماؤك ، وعظمت آلاؤك ، فأيّ أنعمك يا إلهي أُحصي عدداً أو ذكراً ، أم أيّ عطاياك أقومُ بها شكراً ، وهي يا ربِّ أكثرُ من أن يُحصيها العادّون ، أو يبلغُ عِلمها الحافظون» (١).
وربّنا سبحانه وتعالى قال وهو أصدق القائلين : (إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا) (٢) ، فكيف يشكر ما لا يُحصى.
إذا كانت النعم لا تُحصى ، والشكر عليها لا يؤدّى ، ووصفها متعذّر لجهل معظمها ، فكيف لك أن تصف خالقها ، أو تعرف حقيقة بارئها؟! هيهات هيهات! لا يمكن لك ذلك مهما كنت من أصحاب العقول العملاقة ؛ لأنّك مهما بلغت ستبقى محدوداً وربّك مطلقاً ، فهل يمكن للمحدود أن يحيط علماً بالمطلق؟
«يا مَنْ لا يعلم كيف هو إلاّ هو ، يا مَنْ لا يعلمُ ما هو إلاّ هو ، يا مَنْ لا يعلمُ ما يعلمهُ إلاّ هو ، يا مَنْ كبس الأرض على الماء ، وسدَّ الهواء بالسّماء ، يا مَنْ له أكرمُ الأسماء ، يا ذا المعروف الذي لا ينقطعُ أبداً».
__________________
١ ـ المصدر السابق.
٢ ـ سورة إبراهيم : الآية ٣٤.