ويروى أنّه كان إذا أمسك الركن الأسود (الحجر الأسود) يناجي الله ويدعوه بهذه الكلمات النورانيّة :
«إلهي ، أنعمتني فلم تجدني شاكراً ، وابتليتني فلم تجدني صابراً ، فلا أنت سلبت النعمة بترك الشكر ، ولا أدمت الشدّة بترك الصبر. إلهي ، ما يكون من الكريم إلاّ الكرم» (١).
ومَنْ يدرس حياة الإمام الحسين عليهالسلام تستوقفه ثلاثة مواقف في الحجّ الحسيني المبارك :
١ ـ دعاء الإمام الحسين عليهالسلام في يوم عرفة.
٢ ـ مؤتمر مِنى في آخر حجّة حجّها الإمام قبل وفاة معاوية بعام.
٣ ـ آخر حجّة حجّها ولكن لم يكملها ، بل أحلَّ إحرامه في يوم التروية ، وانطلق إلى العراق في طريقه إلى كربلاء الفاجعة.
وفي الحقيقة فإنّ دراسة دعاء الإمام الحسين عليهالسلام في يوم عرفة يحتاج إلى كتاب كبير وموسَّع ؛ لأنّ فيه من المعارف الراقية ، واللطائف الرائعة ما لا يدركه إلاّ أصحاب العلوم والمعارف الإلهيّة الحقّة.
وأنا العبد الفقير معترف بالتقصير والقصور عن ذلك العمل الرفيع ؛ لقصر الباع ، وقلّة البضاعة ، ولكن كما يُقال : (ما لا يُدرك كلّه لا يُترك جلّه).
ومن هذه الحقيقة التي نعترف بها أوّلاً ، نحاول قراءة فقرات هذا الدعاء العظيم للمولى أبي عبد الله عليهالسلام ، ومحاولة الاستفادة منه ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً.
__________________
١ ـ حياة الإمام الحسين بن علي ١ ص ١٣٤ ، الكواكب الدريّة ١ ص ٥٨.