الحسين عليهالسلام وقال : اشهدوا لي عند الأمير أنّي أوّل مَنْ رمى ؛ فانهالت السّهام على جيش الإيمان كالمطر كما يذكر المؤرّخون وأرباب السير (١).
فالمولى أبو عبد الله عليهالسلام لم يكن يريد أن يقاتلهم ويقتلهم ، بل كان يريد أن يهديهم ويحميهم ، وينقذهم من شياطين الإنس والجنّ ، كان يفكر بسعادتهم وعيالاتهم ، وإصلاح جميع شؤونهم الخاصّة والعامّة ، ولا يفكّر بقتلهم وإبادتهم ، ولو أراد ذلك لدعا عليهم دعوة واحدة فيغرقهم الفرات ، أو تبلعهم الصحراء ، أو تلعنهم السماء وترميهم بحجارة من سجّيل لتجعلهم كأصحاب الفيل.
إنّ الإمام الحسين عليهالسلام قد أبى أن يعيش إلاّ عزيزاً كريماً بكلّ شموخه وعظمته ، وأبى أعداؤه إلاّ الإصرار على أخذه بالذلّة : «إنّ الدّعيَ ابن الدعي قد ركز بين اثنين ؛ بين السِّلة والذلّة» (٢) ؛ وذلك لأنّ العدوّ ينظر إلى تحقيق مصالحه وأهدافه غير منقوصة ، ولذا تراه لم يعطِ للإمام أيّ فرصة لتحقيق المصلحة العامّة للإسلام المتمثلة في السَّلام.
وقد نجح شمر بن ذي الجوشن في إفشال عدّة حوارات بين الإمام الحسين عليهالسلام وعمرو بن سعد من أجل السَّلام.
والحقيقة أنّه لا شك في ضرورة امتلاك القوّة من القوّة ، ولكنّ استخدامها في غير وقتها ومحلّها من الضعف. وسبحان الله الذي يملك القوّة جميعاً ، ولا يستخدمها إلاّ بقدر وحكمة!
__________________
١ ـ مقتل الحسين ـ للمقرّم ص ٢٣٧.
٢ ـ مثير الأحزان ص ٥٤ ، شرح نهج البلاغة ٣ ص ٢٤٩.