طالب عليهالسلام لمدّة ثلاث سنوات ، وتهجير أصحابه مرّتين إلى الحبشة ، ولم يزالوا به حتّى هاجر إلى بلد هجرته مكرهاً (١).
لكنّه وبعد فتح مكة ، وبعد حروب طاحنة خاضها ضدّ جيش الكفر والشرك المكي وهو في دار غربته ، وعندما أسرهم وتمكّن منهم قال لهم : «اذهبوا فأنتم الطُّلقاء» (٢).
فالأذى لا يُقابل بالأذى في شريعتنا ، بل يُقابل بالإحسان والامتنان ، والإطلاق لوجه الله تعالى ، وكذلك فعل أمير المؤمنين علي عليهالسلام الذي قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : «أنت المظلوم من بعدي».
فلقد ظلموه وانتهكوا حرمته ، واقتحموا عليه داره ، وقتلوا زوجته سيّدة نساء العالمين ، وطفلها الجنين (محسن) ، وساقوه كالأسير ، وفعلوا أفعالاً يندى لها جبين الإنسانيّة ، إلاّ أنّه كان كثيراً ما يقول عليهالسلام : «لأُسالمنَّ ما سلمتْ أمورُ المسلمين ، ولم يكن بها جورٌ إلاّ عليَّ خاصةً» (٣).
ويقول عليهالسلام : «سلامةُ الدِّين أحبُّ إلينا من غيره» (٤).
هذا هو الشعار ، وهذه هي الممارسة العمليّة له ، فالسّلام عند أمير المؤمنين علي عليهالسلام هو السبيل إلى بقاء الدين الإسلامي ، والطريق الأفضل لانتشاره. علينا أن نستفيد من هذا الدرس العظيم من الإمام علي عليهالسلام على طول المدى.
__________________
١ ـ لأوّل مرّة في تاريخ العالم ١ ص ١٤٣.
٢ ـ الكافي ٣ ص ٥١٢ ، وسائل الشيعة ٩ ص ١٨٢ ، بحار الأنوار ١٩ ص ١٨٠.
٣ ـ بحار الأنوار ٢٩ ص ٦١٢ ، نهج البلاغة ص ١٠٢.
٤ ـ بحار الأنوار ٢٨ ص ٣٥٣ ، شرح نهج البلاغة ٦ ص ٢١.