فقال البطل المغوار : نعم ، حبُّ الحسين أجنّني (١).
وهنا شاهدي : لماذا تعلّق هذا الرجل الشجاع بالإمام الحسين عليهالسلام إلى هذه الدرجة؟! لماذا أحبّه حتّى الجنون؟!
هل يمكن لأحدٍ أن يشتري الحبّ؟! وهل يمكن أن يرغم قلبه على حبّ مَنْ لا يحبّ؟ وقد تسألني : وهل القلب باليد أم أنّ أمره بيد الربّ تعالى؟
نعم ، الحبّ في القلب ، والقلب يتقلّب بيد الربّ سبحانه ، ولا أحد يستطيع أن يحبّ أو يكره بإرادته ومتى شاء وأراد ، فهذا أمر متعذّر ؛ ولذا قال أمير المؤمنين علي عليهالسلام : «لو ضربت خيشومَ المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني ، ولو صببتُ الدنيا بجمّاتها على المنافق على أن يُحبّني ما أحبّني» (٢).
والإنسان يمتلك القلوب بالإحسان والأخلاق الفاضلة والقيم السامية ، والمولى أبو عبد الله الحسين عليهالسلام الذي مثَّل خُلق القرآن والإسلام والرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله في كلّ أيّام حياته ، أسر القلوب ، وسكن أفئدة المؤمنين ، لا سيما أصحابه الذين كانوا معه في كربلاء ، ولا عجب أن يصرّح عابس بن شبيب بهذه الحقيقة العاشورائيّة.
__________________
١ ـ المصدر السابق.
٢ ـ نهج البلاغة ـ قصار الحكم ، رقم ٤٥.