لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا) (١) ، وجعلها الله لنا سكناً وسكينة ، وملجأ ورهينة في ذات الوقت ، ورغم ذلك ظلمها الرجل منذ البداية ؛ لأنّه لم يستطع أن يفهمها أو يقدّرها حقّ قدرها فيتعامل معها بمنطقها اللطيف ، حتى إنّ العرب في الجاهليّة كانوا يدفنونها حيَّة (بالوأد) بحجّة الفقر والخوف منه تارة ، أو بذريعة العار والخوف من الفضيحة تارة أُخرى ، فكان (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) (٢).
إلاّ إنّ الإسلام الحنيف والرسول العظيم أعطى للمرأة حقّها اللازم ، ووضعها في مكانها اللائق على لائحة الإنسانيّة المكرّمة منذ البداية ؛ لأنّ أوّل الناس إسلاماً كانت أُمّنا خديجة بن خويلد (رضي الله عنها وأرضاها) التي منحت رسول الله صلىاللهعليهوآله كلّ شيء حتّى قال بحقّها : «لولا سيف علي ومال خديجة لما قام للإسلام عود».
هذه العظيمة كانت زوجة وأُمّاً ، فكانت نِعْمَ الزوجة والأُمّ ، وعندما جاء دور البنت فإنّ ابنتها سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليهاالسلام تقف شامخة تتحدّى الرجال جميعاً بالكفاءة الإيمانيّة : «فلولا علي عليهالسلام لما كان لفاطمة الزهراء كفؤ آدم فما دون» (٣) ، كما يقول النبي صلىاللهعليهوآله ، وكفى بهذه العظيمة التي كانت حجّة على الأولياء العظام أن تكون قدوة وأسوة حسنة.
__________________
١ ـ سورة الروم : الآية ٢١.
٢ ـ سورة النحل : الآية ٥٨ ـ ٥٩.
٣ ـ التهذيب ٧ ص ١٤٧٠ ، بحار الأنوار ٤٣ ص ١٠٧.