ولما فرغ الإمام الحسين عليهالسلام من الصلاة قال لأصحابه :
«يا كرام ، إنّ هذه الجنّة قد فُتحت أبوابُها ، واتّصلت أنهارها ، وأينعت ثمارُها ، وهذا رسول الله والشهداء الذين قُتلوا في سبيل الله يتوقّعون قدومكم ويتباشرون بكم ، فحاموا عن دين الله ودين نبيّه ، وذبّوا عن حرم الرسول صلىاللهعليهوآله».
فقالوا : نفوسنا لنفسك الفداء ، ودماؤنا لدمك الوقاء ، فو الله لا يصل إليك وإلى حرمك سوء وفينا عرق يضرب (١).
هكذا تكون العبادة والصلاة ، وهكذا يكون الأصحاب الأوفياء ؛ ولذا استحقوا جميعاً ، وبكلّ فخر وجدارة شهادة الإمام الحسين عليهالسلام لهم ، وتقليدهم بذلك الوسام الرفيع العالي الذي يحقّ لهم أن يعلّقوه على صدر السماء التي كتبت أسماءهم من نور ، حيث قال لهم مولاهم وقائدهم : «فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي».
فمَنْ كمسلم بن عوسجة الأسدي الذي قال في المؤتمر : والله ، لا نخلّيك حتّى يعلم الله أنّا قد حفظنا غيبة رسوله صلىاللهعليهوآله فيك. أما والله ، لو قد علمتُ أنّي أُقتل ثمّ أُحيى ، ثمّ أُحرق ثمّ أُحيى ثمّ أُذرى ، يُفعل بي ذلك سبعين مرّة ما فارقتك.
ومَنْ كزهير بن القين الذي قال : والله ، لوددتُ أنّي قُتلت ثمّ نُشرت ، ثمّ قُتلت ، حتّى أُقتل هكذا ألف مرّة.
وأمّا ذاك البطل الذي أُسر ولده عند العدوّ يقول : أكلتني السباع حيّاً إن
__________________
١ ـ مقتل الحسين ـ للمقرّم ص ٢٤٦.