وكانت أعظم غربلة لجيش الإمام عليهالسلام عند هذا الموضع الذي بلغه فيه شهادة مسلم بن عقيل وبعض أصحابه المخلصين في الكوفة ؛ فإنّ الإمام عليهالسلام استوقف الناس ، وأخرج كتاباً أو ورقة وقرأها عليهم ، وكان فيها :
بسم الله الرحمن الرحيم
أمّا بعد ، فإنّه قد أتانا خبرٌ فظيعٌ ، قتل مسلم بن عقيل ، وهانئ بن عروة ، وعبد الله بن يقطر ، وقد خذلنا شيعتنا ، فمَنْ أحبّ منكم الانصراف فلينصرف في غير حرجٍ ، ليس عليه ذمام (١).
يُقال : فتفرّق الناس عنه عليهالسلام ، وأخذوا يعدلون يميناً وشمالاً حتّى لم يبقَ معه إلاّ أصحابه الذين جاؤوا معه من المدينة ، ونفر يسير ممّن انضمّوا إليه في الطريق.
هل رأيت أو سمعت بمثل هذا في تاريخ الثورات والحروب العالميّة؟!
هذا كان من جانب الصراحة والصدق في أسلوب التعامل مع الأصحاب ، ومن الشجاعة والقيميّة في أعلى مراتبها في دنيا الإنسانيّة.
وبقي علينا الجانب الآخر من شخصية الإمام الحسين عليهالسلام الإنسانيّة ، الأبويّة ، المسؤوليّة ، وهذه تجلّت بموقفه مع ابنة مسلم بن عقيل ، هذا الموقف الذي يهمله كثير من كتّاب التاريخ والسيرة.
__________________
١ ـ موسوعة البحار ٤٤ ص ٣٧٤ ، الإرشاد ٢ ص ٧٥ تحقيق : مؤسسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث.