والرقّة لنكبات
المظلومين.
فالبكاء على المظلومين والشهداء ، وعلى
رأسهم الإمام الحسين عليهالسلام
، أمر طبيعي وعقلاني ، وظاهرة فطرية في مقابل قساوة القلب والغلظة وتحجّر الضمير ،
وهي أخطر الأمراض النفسية المعبَّر عنها بموت القلب.
ولهذا ترى أنّه من الطبيعي جدّاً أن
يحبب الإسلام البكاء ويحضّ عليه ؛ لأنّه يحلّ العقد النفسيّة التي يعجز العلم عن
معالجتها ؛ لأنّ الأزمات والخسائر التي تصدم الإنسان ترسب في قلبه على شكل عقد لا
يحلّها سوى الانتقام والثأر ممّن سبّب له تلك النكبة.
وبما أنّ الإسلام دين متسامح لا انتقامي
، لا سيما وأنّ الإنسان ظالم جائر في كثير من ألوان الانتقام التي يرغب فيها
بطبيعته السبعيّة الحيوانيّة ، تتضافر الأديان والقوانين والشرائع على صدِّه ومنعه
من ممارستها.
فلا تجد تلك العقد النفسيّة مجالاً
للتعبير والتنفيس اللذين يروِّحان عنها ، بل تظلُّ في أعماق النفس تأكل بعضها
بعضاً ، وتأكل الإنسان من الداخل حتّى تنقلب تحت الكبت الطويل إلى حقد يجعل صاحبه
شرّيراً يحب الوقيعة في كلّ أحد ، بعد أن كان يريد الانتقام من خصمه فقط ؛
لأنّه لا يشعر بالراحة إلاّ إذا رأى
الدماء البريئة تُراق ، ودموع الثكلى تسفح وتنهمر ، ولا يطمئن بغير الأنات الجريحة
، والآهات الحارّة.
ووجود الحقد في النفوس بلاء وبيل ، إذا
أصاب مجتمعاً فإنّه يلتهب ويحرق الأخضر واليابس ولا يدعه إلاّ بلاقع ، ولا ينجو من
ويلاته مجرم ولا بريء ؛ ولذا فلا بدَّ من إزالته بمختلف الطرق قبل أن يستفحل
ويستعصي على العلاج ،