والتشريعي منها.
فعلماء الأحياء ، وأطباء العيون ، يقولون : إنّ البكاء له فوائد عظيمة وجليلة للعين الباكية ، وللجسد الحامل لها ، وللنفس التي تحرّك ذلك الجسد الباكي أو المتباكي.
فإفراز ذلك الدمع وغزارته يكون من الغدد الدمعية ، (وقديماً كانوا يعبّرون عنها أنّها من بخار الدم) ، فأوّل ما يفعله الدمع أنّه يغسل العين من الداخل وينقّيها من الشوائب العالقة أو الطارئة الواقعة فيها.
ثم تفتح الأقنية الواصلة ما بين العين والأنف فينظّف الأنف كذلك ، وتتفتَّح المجاري التنفسية الهوائية ، وكذلك أقنية التهوية للأذن ، ولهذه العملية ما لها من الفائدة على الأذن الوسطى والسمع بشكل عام.
إنّ الإفرازات التي تخرج من العين والأنف تخفّف الضغط عن الرأس ، فيرتاح الإنسان كثيراً عندما يبكي ، لا سيما إذا كانت به علّة في رأسه كالصداع وغيره.
والبكاء يريح النفس ، ويسكن القلب المضطرب ؛ ولهذا فإنّ العلماء ينصحون الإنسان بالبكاء والنحيب عوضاً عن الحصر والكبت ؛ لأنّ البكاء يعيد للجسم والنفس التوازن المفقود من جرَّاء الضغوط عليهما.
ولهذا ترى أنّ علماء النفس والأخلاق لم يجدوا بين الصّفات الإنسانيّة كلّها صفة أفضل وأشرف من الرحمة ، ورقّة القلب على الآخرين ، حتّى إنّ بعض الفلاسفة عدل عن تعريف الإنسان (بالحيوان الناطق) إلى أنّه (حيوان عطوف) ، وعليه فلا إنسانيّة مطلقاً بدون عطف على مصائب الآخرين ، وبدون الرحمة