السّبعة : «السّلام» بألف ، وروي عن عاصم : «السّلم» بكسر السّين وسكون اللام ، فأما «السّلام» فالظّاهر أنه التّحيّة.
والمعنى : لا تقولوا لمن حيّاكم بهذه التّحيّة إنه إنّما قالها تعوّذا فتقدموا عليه بالسّيف لتأخذوا ماله ، ولكن كفّوا عنه ، واقبلوا منه ما أظهره.
وقيل : معناه : الاستسلام والانقياد ، والمعنى : لا تقولوا لمن اعتزلكم ولم يقاتلكم : لست مؤمنا ، وأصل هذا من السّلامة ؛ لأن المعتزل عن النّاس طالب للسّلامة.
والسّلامة والسّلم ـ بفتحهما ـ الانقياد فقط ، وكذا «السّلم» بالكسر والسّكون ، وقرأ الجحدري (١) بفتحها وسكون اللام ، وقد تقدّم [القول فيها](٢) في البقرة ، والجملة من قوله : (لَسْتَ مُؤْمِناً) في محل نصب بالقول ؛ والجمهور على كسر الميم الثّانية من «مؤمنا» اسم فاعل ، وأبو جعفر (٣) بفتحها اسم مفعول ، أي : لا نؤمّنك في نفسك ، وتروى هذه القراءة عن عليّ وابن عبّاس ويحيى بن يعمر.
قوله : «تبتغون» في محل نصب على الحال من فاعل «يقولوا» أي : لا تقولوا ذلك مبتغين.
فصل
ذكروا في سبب النّزول روايتين (٤) :
الأولى : أن الآية نزلت في رجل من بني مرّة بن عوف ، يقال له : مرداس بن نهيك رجل من أهل فدك ، أسلم ولم يسلم من قومه غيره ، فسمعوا [بسرية](٥) رسول الله صلىاللهعليهوسلم تريدهم ، وكان على السّريّة رجل يقال له : غالب بن فضالة اللّيثي ، فهربوا وأقام الرّجل ؛ لأنّه كان مسلما ، فلما رأى الخيل خاف أن يكونوا من غير أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم [فألجأ غنمه إلى عاقول من الجبل وصعد هو الجبل ، فلّما تلاحقوا وكثروا ، سمعهم يكبّرون ، فلما سمع التكبير ، عرف أنهم من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فكبّر ونزل](٦) وهو يقول : لا إله إلا الله [محمد رسول الله](٧) ، السلام عليكم ، فتغشّاه أسامة بن زيد فقتله واستاق غنمه ، ثم رجعوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبروه ، فوجد عليه وجدا شديدا ، وقد [كان](٨) سبقهم قبل ذلك الخبر ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «قتلتموه إرادة ما معه؟» ثم قرأ الآية على أسامة بن زيد ، فقال: يا رسول الله ، استغفر لي ، فقال : فكيف (٩) تصنع بلا إله إلا الله؟
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٢٩٦ ، والبحر المحيط ٣ / ٣٤٢ ، والدر المصون ٢ / ٤١٦.
(٢) سقط في ب.
(٣) ينظر : القراءة السابقة.
(٤) في ب : روايات.
(٥) سقط في ب.
(٦) سقط في أ.
(٧) سقط في ب.
(٨) سقط في ب.
(٩) في ب : كيف.