وناقشه أبو حيان في جعله (لِأَبَوَيْهِ) الخبر دون قوله : (لِكُلِّ واحِدٍ) قال : «لأنه ينبغي أن يكون البدل هو الخبر دون المبدل منه» يعني : أنّ البدل هو المعتمد عليه ، والمبدل منه صار في حكم المطّرح (١) ، ونظّره بقولك : «إنّ زيدا عينه حسنة» فكما أنّ «حسنة» خبر عن «عينه» دون «زيد» في حكم المطّرح فكذلك هذا ، ونظّره أيضا بقولك : [أبواك لكل واحد منهما يصنع كذا ف «يصنع» خبر عن كل واحد منهما.
ولو قلت :](٢) «أبواك كلّ واحد منهما يصنعان كذا» لم يجز.
وفي هذه المناقشة نظر ، لأنه إذا قيل لك : ما محلّ لأبويه من الإعراب؟ تضطر إلى أن تقول : في محلّ رفع خبرا مقدّما ، ولكنه نقل نسبة الخبريّة إلى (لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا) دون (لِأَبَوَيْهِ) قال : وقال بعضهم : (السُّدُسُ) رفع بالابتداء ، و (لِكُلِّ واحِدٍ) الخبر و (لِكُلِ) بدل من الأبوين ، و «منهما» نعت لواحد ، وهذا البدل هو بدل بعض من كلّ ، ولذلك أتى معه بالضّمير ، ولا يتوهّم أنّه بدل شيء من شيء وهما لعين واحدة لجواز أبواك يصنعان كذا وامتناع أبواك كل واحد منهما يصنعان كذا ، بل تقول : يصنع. انتهى.
والضّمير في «لأبويه» عائد على ما عاد عليه الضّمير في «ترك» ، وهو الميت المدلول عليه بقوة الكلام ، والتثنية في «أبويه» من التّغليب ، والأصل : لأبيه وأمه (٣) وإنّما غلّب المذكر على المؤنّث كقولهم : «القمران ، والعمران» وهي تثنية لا تنقاس.
وقيل : إنّ الأصل في الأم أن يقال لها : «أبة» والتثنية على الأصل.
فصل
إذا كان مع الأبوين ولد أو أكثر (٤) كان لكلّ واحد منهما السّدس وسوى الله بين الأب والأمّ في هذا الموضع ؛ لأنّ الأب وإن كان يستوجب التفضيل لما كان ينفقه على الابن ، وبنصرته له والذب عنه صغيرا ، فالأم أيضا حملته كرها ووضعته كرها ؛ وكان بطنها له وعاء ، وثديها له سقاء ، وحجرها له فناء ، فتكافأت الحجتان ، فلذلك سوّى بينهما ، فإن كانت بنتا واحدة وبنت ابن فللبنت النصف وللأمّ السّدس وللأب ما بقي ، وهو الثّلث [نصف بفرضه ، وهو السّدس](٥) وباقيه بالتّعصيب فإن قيل : حقّ الأبوين على الإنسان أعظم من حقّ ولده عليه ، لأنّ الله تعالى قرن طاعته بطاعتهما فما الحكمة في جعل نصيب الأولاد أكبر؟.
فالجواب : أن الوالدين ما بقي من عمرهما إلّا القليل ، فكان احتياجهما إلى المال قليلا ، وأمّا الأولاد فهم في زمن الصّبا ، فكان احتياجهم إلى المال أكثر [فظهر الفرق](٦).
__________________
(١) في ب : الطرح.
(٢) سقط في أ.
(٣) في أ : لأبويه.
(٤) في ب : أو ولد ابن.
(٥) سقط في ب.
(٦) سقط في ب.