فَقَالَ : لِأَنَّكُمْ عَمَرْتُمُ (١) الدُّنْيَا ، وَأَخْرَبْتُمُ الْآخِرَةَ ، فَتَكْرَهُونَ أَنْ تُنْقَلُوا (٢) مِنْ عُمْرَانٍ إِلى خَرَابٍ.
فَقَالَ لَهُ : فَكَيْفَ (٣) تَرى قُدُومَنَا عَلَى اللهِ؟
فَقَالَ : أَمَّا الْمُحْسِنُ مِنْكُمْ (٤) ، فَكَالْغَائِبِ يَقْدَمُ عَلى أَهْلِهِ ؛ وَأَمَّا الْمُسِيءُ مِنْكُمْ (٥) ، فَكَالْآبِقِ (٦) يُرَدُّ (٧) عَلى مَوْلَاهُ.
قَالَ : فَكَيْفَ (٨) تَرى حَالَنَا عِنْدَ اللهِ؟
قَالَ (٩) : اعْرِضُوا أَعْمَالَكُمْ عَلَى الْكِتَابِ ؛ إِنَّ اللهَ يَقُولُ : ( إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجّارَ لَفِي جَحِيمٍ ) (١٠) ».
قَالَ : « فَقَالَ الرَّجُلُ : فَأَيْنَ (١١) رَحْمَةُ اللهِ؟
قَالَ : رَحْمَةُ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ».
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « وَكَتَبَ رَجُلٌ إِلى أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ (١٢) : يَا أَبَا ذَرٍّ (١٣) ، أَطْرِفْنِي (١٤) بِشَيْءٍ مِنَ الْعِلْمِ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ : أَنَّ الْعِلْمَ كَثِيرٌ ، وَلكِنْ إِنْ قَدَرْتَ أَنْ (١٥) لَاتُسِيءَ
__________________
(١) يجوز فيه التخفيف والتشديد ، كما نصّ عليه في مرآة العقول.
(٢) في « بر » والوافي : « تنتقلوا ».
(٣) في « ب » : « كيف ».
(٤) في « ب ، ز ، ص ، ه ، بف » والوافي : ـ / « منكم ».
(٥) في الوافي : ـ / « منكم ».
(٦) « الآبق » : الهارب. يقال : أبَق العبدُ يأبَق إباقاً : إذا هَرَب. النهاية ، ج ١ ، ص ١٥ ( أبق ).
(٧) في « ب ، ه » : « يقدم ». وفي شرح المازندراني ومرآة العقول : « يرد » بالتخفيف. لكنّهما جعلا تشديد الدال ـ على بناء المجهول ـ أنسب.
(٨) في « ه ، بر » : « وكيف ».
(٩) في « ب ، ه ، بر ، بف » والوافي : « فقال ».
(١٠) الانفطار (٨٢) : ١٣ ـ ١٤.
(١١) في « ز » : « أين ».
(١٢) في « ه ، بر ، بف » والوافي : « رحمهالله ».
(١٣) في « ب ، ج ، د » : ـ / « يا أبا ذر ».
(١٤) الشيء الطريف : المستحدث المستطرف ، وهو الطريف. ولقد طَرُف يَطْرُف. والاسم : الطُرفة. وأطرفتُهشيئاً : لم يملك مثله فأعجبه. ترتيب كتاب العين ، ج ٢ ، ص ١٠٧٥ ( طرف ).
(١٥) في « ج ، بر » وشرح المازندراني والبحار : « على أن ».