______________________________________________________
ولا بين القادر على أهبه النكاح وغيره.
وقال الشيخ : المستحب لمن لا يشتهي النكاح أن لا يتزوج ، لقوله تعالى عن يحيى ( وَسَيِّداً وَحَصُوراً ) (١) مدحه على كونه حصورا ، وهو : الذي لا يشتهي النساء ، وقال قوم : هو الذي يمكنه أن يأتي النساء ولا يفعله (٢).
ولأن في النكاح تعريضا لتحمّل حقوق الزوجة ، والاشتغال عن كثير من المقاصد المهمّة الدينية ، وحصول الولد الصالح والزوجة الصالحة غير معلوم ، وللذم المتبادر من قوله تعالى ( زُيِّنَ لِلنّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ ) (٣).
وجوابه : إن مدح يحيى بذلك لعله لكونه كذلك في شرعه ، وشرعهم ليس شرعا لنا ، على أنه ربما كان مكلّفا بالسياحة وإرشاد أهل زمانه في بلادهم ، والنكاح ينافي ذلك ، وتحمل الحقوق يزيد في الأجر ، لأنه حينئذ من لوازم الطاعة ومقتضياتها.
ويكفي لأفضلية النكاح كونه مظنّة الولد الصالح والقرين الصالح ، والذم في الآية الأخيرة ـ على إرادة النكاح لمحض الشهوة البهيمية ، من دون إرادة الطاعة ، وكسر سورة الشهوة ، واكتساب الولد الصالح ـ لا ينافي المدّعى. ولا يخفى أن النكاح قد يجب ، إذا خشي المكلف الوقوع في الزنا بدونه ، ولو أمكن التسري فهو أحد الواجبين على التخيير ، وقد يحرم إذا أفضى إلى الإخلال بواجب كالحج.
وذهب ابن حمزة إلى أنه إذا اجتمعت القدرة على النكاح والشهوة ، استحب للرجل والمرأة ، وإن فقدا معا كره ، وإن افترقا لم يكره ولم يستحب (٤).
__________________
(١) آل عمران : ٣٩.
(٢) المبسوط ٤ : ١٦٠.
(٣) آل عمران : ١٤.
(٤) الوسيلة : ٣٣٩.