فقال الأعرابي : مال معه مروءة.
فقال الإمام : «فَإنْ أخْطأهُ ذلِك؟».
فقال الأعرابي : فقرٌ معه صبر.
فقال الإمام : «فَإنْ أخْطأهُ ذلِكَ؟».
فقال الأعرابي : فصاعقة تنزل عليه من السماء فتحرقه ؛ فإنّه أهلٌ لذلك.
فضحك الإمام الحسين عليهالسلام ورمى إليه بصرّة فيها ألف دينار ، وأعطاه خاتمه وفيه فصٌّ قيمته مئتا درهم ، وقال : «يا أعرابِيّ ، أعْطِ الذَّهبَ إلى غُرَمائِك ، واصْرِفِ الخاتَمَ في نفَقَتِكَ».
فأخذه الأعرابي وانصرف وهو يقول : (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) (١).
أسمعت بمثل هذا الدرس العملي والعلمي ، وهذا الخُلق الرفيع ، وهذه الأخلاق العالية ، وهذا الأسلوب التربوي؟!
الإمام العظيم عليهالسلام عَلِم من ذاك الأعرابي الأدب ، وتوسّم فيه الفطنة وحسن التربية ، فأراد أن يُعلّم الناس ومَنْ هم حوله ، أو الأُمّة ومَنْ يأتي بعده ، بهذا الأسلوب الحواري البسيط ، الكاشف عن شفافيّة الإمام عليهالسلام ، ومدى كرمه وتواضعه لأبناء أُمّته ، لا سيما طالب الحاجة ، فأخرج ما عنده من ظرف وأدب ، وأعطاه ما طلب منه من مال ومتاع.
لا يُقال : إنّ في ذلك إهانة للسائل ، حاشى للإمام عليهالسلام ؛ وهو الذي يقول في
__________________
١ ـ جامع الأخبار ص ١٣٧ ، موسوعة البحار ٤٤ ص ١٩٦ ، وسورة الأنعام : الآية ١٢٤.