كان هناك أربعة أشخاص من عناصر الوهابيّة يحرسون القبر الشريف ، ويمنعون أحداً من البكاء وزيارته والسّلام على صاحبته أُمّ البنين (سلام الله عليها) ، وإذا سألهم سائل : قبر مَنْ هذا؟
يقولون : لا نعلم ، هذه أحجار لا تضرّ ولا تنفع ، اذهب وصلِّ في المسجد النبوي.
وبينما نحن كذلك قفز إلينا أحدهم وقال : ماذا تقول يا شيخ! ليس لفاطمة قبر! قلت : نعم ، أين قبرها أرشدني ودلّني عليه ، وأنا لك من الشاكرين.
فقال : هنا ، وأشار بيده إلى البقيع كلّه.
قلت : أين؟ حدّد لي قبراً معيناً.
وعند ذلك سمع الإخوة الزائرون صوتي اُحدّثه ، فجاؤوا إليَّ مسرعين وقالوا : شيخنا ، اتركه وإلاّ فمصيرك إلى السجن أو التعذيب (١) ، أو التسفير خارج الحجاز ، فيمنعونك من أداء مناسك الحجّ كما فعلوا بالكثير من قبل.
فسحبوني وأخرجوني من البقيع كلّه قبل أن يأتي عناصر الشرطة ويأخذوني معهم ، فما كان منّي إلاّ أن اُحوقل وأسترجع بصمت وحسرة : (لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم ، إنّا لله وإنّا إليه راجعون).
__________________
١ ـ علماً أنّ هناك سجن خاصّ تحت أرض البقيع الغرقد.