أينَ الملوكُ التي عن حفظها غفلت |
|
حتّى سقاها بكأسِ الموتِ ساقيها |
تلكَ المدائنُ في الآفاقِ خالية |
|
عادتْ خراباً وذاقَ الموتَ بانيها |
أموالُنا لذوي الورّاثِ نجمعها |
|
ودورُنا لخرابِ الدّهرِ نبنيها (١) |
كلمات بسيطة ومعبّرة لا تحتاج إلى تعليق أو توضيح ؛ لأنّ توضيح الواضحات من أشكل المشكلات. والشعر في آخرها يوجز مغزاها ومعناها ، فتبصّر في أمرك يا عزيزي ، واعرف أين أنت ، وإلى أين أنت سائر؟
تيقّظ من غفلتك أيّها العبد السّاهي أو الغافل ؛ حتّى لا تُؤخذ على حين غرّة فتذهب حياتك سُدى ، وأكبر الخسران خسران النفس في الدار الآخرة.
وفي رواية جميلة عن المولى أبي عبد الله الحسين عليهالسلام يقول فيها :
«وجِدَ لوحٌ تحت حائط مدينة من المدائن مكتوبٌ فيه : أنا الله لا إله إلاّ أنا ، ومحمدٌ نبييّ ، عجبتُ لِمَنْ أيقن بالموت كيف يفرح! وعجبتُ لِمَنْ أيقن بالقدر كيف يحزن! وعجبت لِمَنْ اختبر الدنيا كيف يطمئن إليها! وعجبت لِمَنْ أيقن بالحساب كيف يُذنب!» (٢).
وأنا العبد الفقير أعجب ممّنْ يتدبّر هذا الحديث ، كيف لا يسوح في الأرض مطلِّقاً الدنيا ثلاثاً كأمير المؤمنين علي عليهالسلام ، يبحث عن رضى الله ، متفرّغاً للعبادة والجهاد؟!
__________________
١ ـ إرشاد القلوب ١ ص ٢٩.
٢ ـ عيون الأخبار ٢ ص ٤٨ ح١٥٨ ، موسوعة البحار ٧٨ ص ٤٥ ح١٣ ، و ٧٣ ص ٩٥ ح٧٦.