فإن الشيعة لا يقيمون صلواتهم اليومية في الحسينيات فضلاً عن صلاة الجمعة ، وإنما يقيمونها في المساجد العامة كما هو معروف عند الكل.
والغريب أن مدعي الاجتهاد والفقاهة زعم أن الشيعة لا يجوِّزون إقامة صلاة الجمعة إلا خلف الإمام المعصوم ، مع أن جملة من فقهاء الإمامية قد صرَّحوا في كتبهم بوجوبها العيني في زمان الغيبة ، وذهب المشهور إلى وجوبها التخييري بينها وبين صلاة الظهر.
قال الشيخ يوسف البحراني قدسسره في كتابه الحدائق الناضرة :
ولا خلاف بين أصحابنا في وجوبها عيناً مع حضوره عليهالسلام أو نائبه الخاص ، وإنما الخلاف في زمن الغيبة وعدم وجود الإذن على الخصوص ، على أقوال : الأول : القول بالوجوب العيني ، وهو المختار المعتضد بالآية والأخبار ، وبه صرَّح جملة من مشاهير علمائنا الأبرار رضوان الله عليهم ، متقدميهم ومتأخريهم ، أحدهم الشيخ المفيد قدسسره ... (١).
ثمّ نقل القول بالوجوب العيني لصلاة الجمعة عن أبي الصلاح الحلبي في كتاب (الكافي في الفقه) ، والشيخ أبي الفتح الكراجكي في كتابه (تهذيب المسترشدين) ، والشيخ عماد الدين الطبرسي في كتابه (نهج العرفان إلى هداية الإيمان) ، والشيخ الكليني في كتاب الكافي ، والشيخ محمد بن علي بن بابويه القمي المعروف بالصدوق في كتاب (الفقيه).
ثمّ قال : هذا ما وقفت عليه من كلام المتقدمين ، وأما المتأخرون عن عصر شيخنا الشهيد الثاني ممن قال بهذا القول فهم أكثر من أن يأتي عليهم قلم الإحصاء وأن يدخلوا في حيز الاستقصاء ، إلا أنه لا بأس بذكر جملة من مشاهيرهم ونقل عبائرهم في المقام تتمة لما قدمناه من متقدمي علمائنا الأعلام (٢).
__________________
(١) الحدائق الناضرة ٩ / ٣٧٨.
(٢) نفس المصدر ٩ / ٣٨٥.