قلت : هذه جملة وافرة من أحاديثهم الدالة على جواز إتيان المرأة في دبرها ، منقولة عن بعض الصحابة والتابعين وأئمة مذاهبهم ، وما تركناه أكثر مما نقلناه.
ولا بأس أن نختم الكلام بما ذكره الراغب الأصفهاني في محاضرات الأدباء ، حيث ذكر أبياتاً من الشعر لهمام القاضي الذي أراد أن يطأ امرأة في دبرها على مذهب الإمام مالك ، فنظم لها رغبته في هذه الأبيات :
ومَذعورةٍ جاءتْ على غيرِ موعدٍ |
|
تقنَّصْتُها والنَّجمُ قد كادَ يطلعُ |
فقلتُ لها لما استمرَّ حديثُها |
|
ونفسي إلى أشياءَ منها تَطَلَّعُ |
أَبِيْني لنا : هل تُؤمِنين بمالكٍ؟ |
|
فإني بِحُبِّ المالكيَّةِ مُولَعُ |
فقالتْ : نَعَمْ إني أدينُ بدينِهِ |
|
ومذهبُه عَدلٌ لديَّ ومُقْنِعُ |
فبِتْنا إلى الإصباحِ ندعو لمالكٍ. |
|
ونُؤْثرُ فتياهُ احتساباً ونتبعُ (١) |
* * *
قال الكاتب : لا شك أن هذه الأخبار معارضة لنص القرآن ، إذ يقول الله تعالى : (وَيَسْأَلُونك عن المحيض قل هو أَذى ، فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يَطْهُرْنَ) (البقرة / ٢٢٢) فلو كان إتيان الدبر مباحاً لأمر باعتزال الفرج فقط ولقال (فاعتزلوا فروجَ النساء في المحيض). ولكن لما كان الدبر مُحَرَّما إتيانه أمر باعتزال الفروج والأدبار في محيض النساء بقوله (ولا تقربوهن).
وأقول : على هذا الاستدلال يحرم الاستمتاع بالحائض بأي نحو من أنحاء الاستمتاع ، سواء أكان في الفرج أم في الدبر أم في غيرهما ، وهذا لا يقول به أحد ، وتردّه أقوال علماء أهل السنة الذين يعتقد بهم الكاتب ، فإنهم نصُّوا على أنه يجوز مباشرة الحائض ، ويجب اجتناب خصوص الفرج.
__________________
(١) محاضرات الأدباء ٢ / ٢٦٨ ط دار مكتبة الحياة.