قال الكاتب : فهذه الروايات وغيرها كثير صريحة في إعفاء الشيعة من الخمس ، وأنهم في حل من دفعه ، فمن أراد أن يستخلصه لنفسه ، أو أن يأكله ولا يدفع منه لأهل البيت شيئاً فهو في حل من دفعه ، وله ما أراد ولا إثم عليه ، بل لا يجب عليهم الدفع حتى يقوم القائم في الرواية الثالثة.
وأقول : لقد أوضحنا أن جملة من هذه الروايات ضعيفة السند ، والصحيح منها لا يدل على إعفاء الشيعة من الخمس مطلقاً ، بل منها ما دل على أن الإمام عليهالسلام قد أباح لهم ما تصرَّفوا فيه من أموالهم التي أنفقوها في المناكح قبل إخراج الخمس الواجب عليهم ، ومنها ما دل على أن الإمام عليهالسلام قد أباح للشيعة التصرف في رقاب الأراضي وحاصلها ، مع لزوم إخراج خمسها ، ومنها ما دل على أن الإمام الباقر عليهالسلام أجاز للمعوزين من شيعته أن يأخذوا منه بمقدار ما يسدُّون به حاجاتهم ، ومنها ما دل على أن الأئمة عليهمالسلام لا يُلزمون شيعتهم بالإسراع في إخراج الخمس إذا كان في ذلك حرج عليهم.
وكل تلك الروايات تدل باللازم على وجوب الخمس على الناس ، وإلا فلا معنى لإباحة التصرف فيه للمعوزين بمقدار ما تسدّ حاجتهم ، ولا وجه لعدم إيجاب المبادرة في الإخراج التي تتحقق معها المشقة عليهم ، وكل ذلك أوضحناه فيما تقدم بحمد الله وفضله.
والغريب أن الكاتب تمسَّك بهذه الروايات وتعامى عن الروايات الأخرى الكثيرة الدالة على وجوب دفع الخمس إليهم عليهمالسلام ، وأنهم سلام الله عليهم لا يبيحونه لأحد.
منها : صحيحة إبراهيم بن هاشم قال : كنت عند أبي جعفر الثاني عليهالسلام إذ دخل عليه صالح بن محمد بن سهل وكان يتولى له الوقف بِقُم ، فقال : يا سيدي اجعلني من عشرة آلاف في حل ، فإني أنفقتها. فقال له : أنت في حل. فلما خرج صالح قال أبو جعفر عليهالسلام : أحدهم يثب على أموال حق آل محمد وأيتامهم ومساكينهم وفقرائهم