والله تعالى أمر بإتيان الفروج فقال : (نِساؤكم حَرْث لكم فأتوا حرثكم أَنَّى شِئْتُم) (البقرة / ٢٢٣) والحرث هو موضع طلب الولد.
وأقول : إن الأمر بإتيان الزوجة من حيث أمر الله سبحانه وتعالى ، أو في موضع الحرث وهو الفرج ، لا يدل على حرمة الإتيان في غيره كما مرَّ عن الشافعي في مناظرته مع محمد بن الحسن الشيباني ، فإنه يجوز للرجل أن يأتي أهله بين فخذيها وفي أعكانها وغير ذلك ، فإن الأمر بالشيء لا يدل على النهي عما عداه كما قرَّره علماء الأصول.
وهكذا الحال بالنسبة إلى الوطء في الدبر ، فإنه لا دلالة في الآيتين المباركتين على النهي عنه كما هو واضح لمن كان عنده حظ من معرفة استنباط الأحكام الشرعية وفهم آيات الكتاب العزيز والسنة المطهَّرة.
هذا مضافاً إلى وقوع الخلاف بين المفسِّرين في تفسير قوله تعالى (أَنَّى شِئْتُمْ) على أقوال متعددة ، فذهب قوم إلى أن المراد : (كيف شئتم) أي فأتوا نساءكم بأية كيفية شئتم : مُقْبِلات أو مُدْبِرات أو مضطجعات أو قائمات أو منحرفات إذا كان في الفرج خاصة.
وذهب آخرون إلى أن المراد (متى شئتم) من الليل والنهار.
وقال آخرون : المعنى (أين شئتم وحيث شئتم) أي في القبُل أو الدبر ، وقد مرَّ بنا ذكر الآثار المنقولة عن ابن عمر في ذلك ، فراجعها.
* * *
قال الكاتب : إن رواية أبي اليعفور [كذا] عن أبي عبد الله مفهومها أن طلب الولد يكون في الفروج لقوله في قوله تعالى : نساؤكم حرث لكم هذا في طلب الولد ، فمفهوم الرواية تخصيص الفروج لطلب الولد ، وأما قضاء الوطر والشهوة فهو