وأقول : لقد أثبتنا ضعف هذا الحديث عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، الذي رواه رجال مختلف في وثاقتهم من الزيدية وأهل السنة ، فلا يمكن ترك ما رواه الثقات عن أمير المؤمنين عليهالسلام خاصة ، وعن أئمة أهل البيت عليهمالسلام عامة من أجل هذا الحديث الضعيف.
ولو ثبت أن أمير المؤمنين عليهالسلام قد روى النهي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من غير معارضة بأحاديث أخرى لكان علينا التسليم بما يقوله عليهالسلام ، ولكن الشأن في ثبوت ذلك عنه عليهالسلام ، فإنه لم يثبت ، بل الثابت عنه خلافه كما يعلمه كل من اطلع على أخبار الأئمة المعصومين عليهمالسلام.
وأما رد الأحاديث الصحيحة بالجملة ، ووصفها بأنها مفتراة على الأئمة عليهمالسلام من دون معالجة سندية ودلالية لها فهو بعيد عن الطريقة العلمية المعروفة المتفق عليها بين العامة والخاصة في نقد الأحاديث وتمحيص الصحيح منها والسقيم.
والكاتب لم يذكر دليلاً واحداً صحيحاً يدل على كذب تلك الأحاديث ، اللهم إلا زعمه بأنها مخالفة لما حرَّمه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وسار عليه أمير المؤمنين عليهالسلام من بعده ، وهذا الزعم كما هو واضح مصادرة على المطلوب ، فإن عليه أولاً أن يثبت أن المتعة حرَّمها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأن أمير المؤمنين عليهالسلام قد روى التحريم عنه ، ليتم له مطلوبه ، لا أن يجعل النتيجة المتنازع فيها مقدمة مسلَّمة ، وهذا أدل دليل على أن الكاتب بعيد عن روح الاستدلال الصحيح والاستنباط على طبق القواعد الثابتة.
* * *
قال الكاتب : لما سُئلَ أبو عبد الله رضي الله عنه : (كان المسلمون على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله يتزوجون بغير بينة؟ قال : لا) فلولا علمه بتحريم المتعة لما قال : لا ، خصوصاً وأن الخبر صحيح (١) في أن السؤال كان عن المتعة ، وأن أبا جعفر الطوسي راوي الخبر
__________________
(١) الظاهر أنه خطأ مطبعي ، وأنه يريد : (صريح) كما هو ظاهر السياق ، وإلا فالكاتب بعيد كل