عبد لي ، إن شئت بِعتُك وإن شئتُ استرقيتُك؟ فقال له الرجل : والله يا يزيد ما أنت بأكرم مني في قريش حسباً ، ولا كان أبوك أفضل من أبي في الجاهلية والإسلام ، وما أنت بأفضل مني في الدين ، ولا بخير مني ، فكيف أقرّ لك بما سألت؟ فقال له يزيد : إن لم تقرّ لي والله قتلتك. فقال له الرجل : ليس قتلك إياي بأعظم من قتلك الحسين بن علي عليهماالسلام ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله. فأمر به فقُتل. ثمّ أرسل إلى علي بن الحسين عليهماالسلام فقال له مثل مقالته للقرشي ، فقال له علي بن الحسين عليهماالسلام : أرأيت إن لم أقر لك أليس تقتلني كما قتلتَ الرجل بالأمس؟ فقال له يزيد لعنه الله : بلى. فقال له علي بن الحسين عليهماالسلام : قد أقررتُ لك بما سألت ، أنا عبد مُكْرَه ، فإن شئتَ فأمسك ، وإن شئتَ فَبِعْ. فقال له يزيد لعنه الله : أولى لك حقنتَ دمك ، ولم ينقصك ذلك من شرفك (١).
وهذا الحديث ضعيف السند ، فإن من جملة رواته أبا أيوب ، وهو أبو أيوب الخزاز (إبراهيم بن زياد) ، وهو مجهول ، لم يوثَّق في كتب الرجال.
وعليه فهذه الرواية لا يصح الاعتماد عليها.
مضافاً إلى أن الرواية تنص على أن يزيد بن معاوية دخل المدينة وهو يريد الحج ، وهذا خلاف ما عليه المؤرّخون من أنه لم يخرج من الشام مدة خلافته ، ولم يأت للمدينة حاجّاً ، وهذا يوهن الرواية ، بل يُسقطها من رأس.
قال المجلسي قدسسره في بحار الأنوار : ثمّ اعلم أن في هذا الخبر إشكالاً ، وهو أن المعروف في السِّيَر أن هذا الملعون لم يأتِ المدينة بعد الخلافة ، بل لم يخرج من الشام حتى مات ودخل النار (٢).
ولو سلَّمنا بصحَّة الخبر فهذا الفعل غير مستبعَد من يزيد بن معاوية ، فقد روى الواقدي كما حكاه ابن كثير في البداية والنهاية أن مسلم بن عقبة دخل المدينة ، فدعا
__________________
(١) الروضة من الكافي ، ص ١٩٦ حديث ٣١٣.
(٢) بحار الأنوار ٤٦ / ١٣٨.