من عقد وعدة ومهر وتحديد مدة وغيرها ، لأن أنكحة الجاهلية لا يعرف فيها ذلك.
بل ظاهر الأخبار الكثيرة الصحيحة أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أباحه لصحابته ، وأذن لهم فيه في بعض مغازيه.
فقد أخرج مسلم في صحيحه عن قيس قال : سمعت عبد الله (١) يقول : كنا نغزو مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليس لنا نساء ، فقلنا : ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك ، ثمّ رخّص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ، ثمّ قرأ عبد الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ.)
وأخرج أيضاً عن جابر بن عبد الله وسلمة بن الأكوع قالا : خرج علينا منادي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد أذن لكم أن تستمتعوا. يعني متعة النساء.
وأخرج بسنده عن سلمة بن الأكوع وجابر بن عبد الله أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أتانا ، فأذن لنا في المتعة.
وأخرج بسنده عن الربيع بن سبرة ، أن أباه غزا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فتح مكة ، قال : فأقمنا بها خمس عشرة ، (ثلاثين بين يوم وليلة) ، فأذن لنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم في متعة النساء ... (٢).
فهذه الأحاديث وغيرها تدل على أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد رخّص للناس في نكاح المتعة وأذن لهم فيه ، ولو كانت المتعة من الأنكحة المعروفة في الجاهلية وكانت مباحة للمسلمين من أول الأمر لما اتّجه قولهم للنبي صلىاللهعليهوسلم : (ألا نستخصي؟).
وأما تحريم عمر للمتعة فيدل عليه ما أخرجه مسلم في صحيحه بسنده عن أبي الزبير قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق
__________________
(١) أخرج الطحاوي هذا الحديث في شرح معاني الآثار ٣ / ٢٤ عن عبد الله بن مسعود ، وهو المراد به في حديث مسلم.
(٢) صحيح مسلم ٢ / ١٠٢٢ ـ ١٠٢٥.