قال الكاتب : وما زالت الأيادي الخَفيّةُ الخبيثةُ تعمل وتبث سُمومها ، فقد أصدرت زعامة الحوزة في يومنا هذا تعليمات بوجوب إكثار الفساد والظلم ونشره بين الناس ، لأن كثرة الفساد تُعَجِّلُ في خروج الإمام المهدي ـ القائم ـ من سردابه [كذا].
وأقول : هذا من الأكاذيب الواضحة الكثيرة التي سوَّد بها الكاتب صفحات كتابه ، فمن الواضح جداً أن زعامة الحوزة العلمية لا تحث الناس على فعل القبائح وارتكاب الموبقات مهما كانت الذريعة ، والرسائل العملية والفتاوى المنقولة عن كافة العلماء تنافي مثل هذا الافتراء المفضوح ، ولهذا لم يأتِ الكاتب بأي دليل يعضد به فريته ، ولم ينقل لقارئه نص تلكم التعليمات المزعومة.
ثمّ إن العالم كله مليء بالظلم والفساد ، ولا يحتاج إلى مزيد حتى يظهر صاحب الزمان عليهالسلام لو سلَّمنا بأن انتشار الظلم والجور من جملة مقدمات قيامه عليهالسلام.
هذا مع أن الوظيفة الشرعية لكل المكلَّفين هي الالتزام بأوامر الله سبحانه ، وترك كل نواهيه ، وأما ظهور صاحب الزمان عليهالسلام فهي وظيفة الإمام عليهالسلام نفسه ، لا وظيفة المكلفين ليجب عليهم تهيئة ما يلزم من المقدمات.
ولو سلَّمنا جدلاً بأن ارتكاب الموبقات من جملة مقدمات ظهوره عليهالسلام فلا يجوز لأي مكلف أن يرتكب شيئاً منها ، وذلك لأن وجوب الظهور على الإمام عليهالسلام في هذا العصر غير معلوم ، فكيف تجب مقدماته؟! ولو سلمنا بأصل الوجوب فمقدمات الخروج واجبة على الإمام عليهالسلام لا علينا.
على أنه لا يمكن أن نتعقَّل أن يكون فعل المحرمات من جملة مقدمات ظهوره عليهالسلام ، بل الأمر على العكس تماماً ، وذلك لأن الناس إن استقاموا شملهم الله برحمته ، وعمَّهم بنِعَمِه التي من جملتها قيام دولة الحق والعدل ، كما أنهم إذا كفروا وطغوا أنزل الله عليهم نَقِماته ، وصبَّ عليهم عذابه.
ولهذا لم نرَ فقيهاً أفتى بوجوب إكثار الفساد لتعجيل ظهور الإمام الغائب