الأقوال وأفاض ، وإذا تكلم عن الأحكام تعرض لمذاهب الفقهاء ، وجهر بمذهبه ونصره وإن كانت هناك مخالفة منه للفقهاء ، وربط بين الآيات وآخى بين الجمل ، وأوضح لنا عن حسن السبك وجمال النظم ، وإذا عرض لمشكلات القرآن أذهب الإشكال وأراح البال ، وهو ينقل أقوال من تقدَّمه من المفسِّرين معزوَّة لأصحابها ، ويرجِّح ويوجِّه ما يختار منها.
إلى أن قال : غير أنه ـ والحق يقال ـ ليس مغالياً في تشيعه ، ولا متطرِّفاً في عقيدته ، كما هو شأن كثير من علماء الإمامية الاثني عشرية (١).
وتحت عنوان (اعتداله في تشيعه) قال : والطبرسي معتدل في تشيعه غير مغالٍ فيه كغيره من متطرفي الإمامية الاثني عشرية ، ولقد قرأنا في تفسيره فلم نلمس عليه تعصباً كبيراً ، ولم نأخذ عليه أنه كفَّر أحداً من الصحابة ، أو طعن فيهم بما يذهب بعدالتهم ودينهم. كما أنه لم يغالِ في شأن علي بما يجعله في مرتبة الإله أو مصاف الأنبياء وإن كان يقول بالعصمة.
إلى أن قال : وكل ما لاحظناه عليه من تعصّبه أنه يدافع بكل قوة عن أصول مذهبه وعقائد أصحابه ، كما أنه إذا روى أقوال المفسِّرين في آية من الآيات ونقل أقوال المفسرين من أهل مذهبه ، نجده يرتضي قول علماء مذهبه ، ويؤيِّده بما يظهر له من الدليل.
وختم كلامه بقوله : وبعد أفلا ترى معي أن هذا التفسير يجمع بين حسن الترتيب وجمال التهذيب ، ودقة التعليل ، وقوة الحجة؟ أظن أنك معي في هذا. وأظن أنك معي في أن الطبرسي وإن دافع عن عقيدته ونافح عنها لم يغلُ غلو غيره ، ولم يبلغ به الأمر إلى الدرجة التي كان عليها المولى الكازراني وأمثاله من غلاة الإمامية الاثني عشرية (٢).
__________________
(١) التفسير والمفسرون ٢ / ٧٦.
(٢) المصدر السابق.