انتقلت إلى من يأتي بعده.
والصواب : أن كل من أُودِعَتْ عندهم الأموال جاء ورثتهم فاقتسموا تلك الأموال بينهم على أنها مال موروث من آبائهم ، فذهب خمس الإمام إلى ورثة الفقيه الأمين ، هذا إذا كان الفقيه أميناً ، ولم يستخلص ذلك المال لنفسه!!
وأقول : ما قاله الكاتب هاهنا نردّه بأمور :
١ ـ أن تصرّف العلماء السابقين في الحقوق لم نطّلع عليه ولم نشهده ، والله سبحانه وتعالى لم يكلّفنا به ، فلا نستطيع أن نجزم فيه بأمر ، ولكنا نعلم علماً جزماً بأنهم قدّس الله أسرارهم ـ لتقواهم وورعهم ـ لم يفرِّطوا في تلك الأموال ، ولم يتهاونوا في حفظها.
وما قاله الكاتب ما هو إلا رجم بالغيب وتخرّص وظن لا يغنيان من الحق شيئاً ، وإلا فكيف علم بما صنعه السابقون وأن أبناءهم ورثوها بعد موتهم؟
٢ ـ أن أمثال هذه الأمور لا يباح بها ولا تُعلَن للناس وتُسجَّل في الكتب حتى يُعلم أنهم أوصوا بها لمن بعدهم من العلماء أو لا ، فكيف يتأتى لنا الاطلاع على ما صنعه الأقدمون والحال هذه؟
٣ ـ أن الأقوال في التصرف في الخمس كثيرة ، ولم يذهب كل العلماء إلى وجوب حفظه ، والوصية به إلى أمين يحفظه إذا ظهرت أمارات الموت ، بل إن جملة من العلماء كانوا يرون وجوب دفعه بكامله إلى الأصناف الثلاثة من السادة الكرام كما مرَّ ، وبعضهم كان يرى جواز صرفه على فقراء الشيعة كالشيخ المفيد في كتابه (المقنعة) ، حيث قال كما مرَّ : (وبعضهم يرى صلة الذرّية وفقراء الشيعة على طريق الاستحباب ، ولست أدفع قرب هذا القول من الصواب) (١).
فلعلّ من كان يرى وجوب دفعه للسّادة الكرام كان يدفع إليهم كل ما يصل
__________________
(١) كتاب المقنعة ، ص ٢٨٦.