وإما أن يكونوا قد اعتزلوا عليّا عليهالسلام ومعاوية ، وحينئذ فهم أولى بالذم ممن خاضوا معه حروبه الثلاثة وأبلوا فيها بلاءً حسناً ، إلا أنهم بسبب كثرة الحروب وطول المدة اعتراهم الملالة والسأم والضعف الذي جعل أمير المؤمنين عليهالسلام يذمّهم ويوبِّخهم.
والحاصل أن أهل السنة إن كانوا مع أمير المؤمنين عليهالسلام أو مع معاوية أو كانوا معتزلين ، فالذم شامل لهم على كل حال ، وأحسن القوم حالاً هم الذين كانوا معه عليهالسلام في حروبه ، وإن كانوا مقصِّرين في نصرته.
* * *
قال الكاتب : وقال الإمام الحسين رضي الله عنه في دعائه على شيعته : (اللهم إن مَتَّعْتَهم إلى حين فَفَرِّقْهم فِرَقاً ، واجعلهم طرائق قدَداً ، ولا تُرْضِ الوُلاةَ عنهم أبداً ، فإنهم دَعَوْنا لِينصرونا ، ثمّ عَدَوا علينا فقتلونا) الإرشاد للمفيد ص ٢٤١.
وقد خاطبهم مرة أخرى ودعا عليهم ، فكان مما قال : (لكنكم استسرعتم (١) إلى بيعتنا كطيرة الدباء ، وتهافَتُّم كتَهَافُت الفرش (٢) ، ثمّ نقضتموها ، سفَهاً (٣) وبُعداً وسُحقاً لطواغيت هذه الأمة ، وبقية الأحزاب ، وَنَبَذةِ الكتاب ، ثمّ أنتم هؤلاء تتخاذلون عنا ، وتقتلوننا ، ألا لعنة الله على الظالمين) (٤) الاحتجاج ٢ / ٢٤.
وهذه النصوص تبين لنا مَن هم قَتَلَةُ الحُسين الحقيقيون ، إنهم شيعته أهل الكوفة ، أيْ : أجدادُنا ، فلما ذا نُحَمِّلُ أهل السنة مسئولية مقتل الحسين رضي الله عنه؟!
__________________
(١) في المصدر : أسرعتم.
(٢) في المصدر : الفراش.
(٣) في المصدر : سفهاً وضلة ، فبعداً.
(٤) لقد حرَّف الكاتب النص ، فأدرج فيه قوله : (ثمّ أنتم هؤلاء تتخاذلون عنا وتقتلوننا). وقوله : (ألا لعنة الله على الظالمين) جاء في النص بعد عدة أسطر.