ومالك والشافعي : لا يباح ، لما روي عن عائشة قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأمرني فاتزر ، فيباشرني وأنا حائض. رواه البخاري. وعن عمر قال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم عما يحل للرجل من امرأته وهي حائض ، فقال : فوق الإزار.
ولنا قول الله تعالى (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ) ، والمحيض اسم لمكان الحيض ، كالمقيل والمبيت ، فتخصيصه موضع الدم بالاعتزال دليل على إباحته فيما عداه.
إلى أن قال : اللفظ ـ يعني المحيض ـ يحتمل المعنيين ـ يعني الحيض ، ومكان الحيض ، وهو الفرج ـ ، وإرادة مكان الدم أرجح ، بدليل أمرين :
أحدهما : أنه لو أراد الحيض لكان أمراً باعتزال النساء في مدة الحيض بالكلية ، والإجماع بخلافه.
والثاني : أن سبب نزول الآية أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة اعتزلوها ، فلم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيت ، فسأل أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم فنزلت هذه الآية ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : اصنعوا كل شيء غير النكاح. رواه مسلم في صحيحه (١) ، وهذا تفسير لمراد الله تعالى ، ولا تتحقق مخالفة اليهود بحملها على إرادة الحيض ، لأنه يكون موافقاً لهم.
إلى أن قال : وما رووه عن عائشة دليل على حِل ما فوق الإزار لا على تحريم غيره ، وقد يترك النبي صلىاللهعليهوسلم بعض المباح تقذّراً ، كتركه أكل الضب والأرنب ، وقد روى عكرمة عن بعض أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان إذا أراد من الحائض شيئاً ألقى على فرجها ثوباً. ثمّ ما ذكرناه منطوق ، وهو أولى من المفهوم (٢).
وقال الطبري في تفسيره : وعلَّة قائل هذه المقالة قيام الحجة بالأخبار المتواترة
__________________
(١) صحيح مسلم ١ / ٢٤٦. صحيح ابن حبان ٤ / ١٩٦. سنن ابن ماجة ١ / ٢١١. مسند أحمد ٣ / ١٣٢.
(٢) المغني لابن قدامة ١ / ٣٨٤.