فقد قال ابن كثير في تفسيره : فقوله (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ) يعني الفرج ، لقوله : (اصنعوا كل شيء إلا النكاح). ولهذا ذهب كثير من العلماء أو أكثرهم إلى أنه يجوز مباشرة الحائض فيما عدا الفرج. قال أبو داود أيضاً : حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد عن أيوب عن عكرمة عن بعض أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم : كان إذا أراد من الحائض شيئاً ألقى على فرجها ثوباً (١).
وقال القرطبي في تفسيره : وقد اختلف العلماء في مباشرة الحائض وما يستباح منها ...
إلى أن قال : وقال الثوري ومحمد بن الحسن وبعض أصحاب الشافعي : يجتنب موضع الدم ، لقوله عليهالسلام : (اصنعوا كل شيء إلا النكاح) ، وقد تقدَّم ، وهو قول داود ، وهو الصحيح من قول الشافعي ، وروى أبو معشر عن إبراهيم عن مسروق قال : سألت عائشة ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ فقالت : كل شيء إلا الفرج. قال العلماء : مباشرة الحائض وهي مُتَّزرة (٢) على الاحتياط والقطع للذريعة ، ولأنه لو أباح فخذيها كان ذلك منه ذريعة إلى موضع الدم المحرَّم بإجماع ، فأُمر بذلك احتياطاً ، والمحرَّم نفسه موضع الدم ، فتتَّفق بذلك معاني الآثار ولا تَضادّ (٣).
وقال ابن قدامة في المغني : مسألة : قال ويُستمتَع من الحائض بما دون الفرج ، وجملته أن الاستمتاع من الحائض فيما فوق السُّرَّة ودون الركبة جائز بالنص والإجماع ، والوطء في الفرج محرَّم بهما. واختُلف في الاستمتاع بما بينهما ، فذهب أحمد رحمهالله إلى إباحته ، وروي ذلك عن عكرمة وعطاء والشعبي والثوري وإسحاق ، ونحوه قال الحَكَم ، فإنه قال : لا بأس أن تضع على فرجها ثوباً ما لم يدخله. وقال أبو حنيفة
__________________
(١) تفسير القرآن العظيم ١ / ٢٥٨.
(٢) دفع توهم أنه إذا جاز كل شيء إلا خصوص الفرج ما معنى ما ورد في بعض الآثار من أن للرجل من امرأته حال الحيض ما فوق السُّرَّة فقط؟
(٣) الجامع لأحكام القرآن ٣ / ٨٦ ـ ٨٧.