يعيد بناءه ، لأنه سيحوِّل القبلة إلى مسجد الكوفة فهذا من الأباطيل الواهية التي نتعجب صدورها من عاقل!! ولا سيما أن الحديث الذي احتج به على ذلك لا يدل على ما قاله ، فإن وضع الحجر الأسود في مسجد الكوفة لا يعني صيرورته قبلة للناس ، وذلك لأن الكعبة المشرفة تبقى قبلة للمسلمين حتى لو أزيل منها الحجر الأسود.
ثمّ إن الحديث لم ينص على أن من ينصب الحجر الأسود فيه هو الإمام المهدي عليهالسلام ، ولا دلالة فيه على أن مسجد الكوفة بعد نصب الحجر فيه يصير قبلة للناس.
ولعل إخبار الإمام عليهالسلام بنصب الحجر الأسود فيه إنما كان للتدليل على أهميته وعظم مكانته عند الناس ، لا من أجل بيان مشروعية هذا الفعل ومحبوبيته.
ونضيف إلى هذا كله أن هذه الرواية ضعيفة السند ، فإن الشيخ الصدوق رواها بسنده إلى الأصبغ بن نباتة (١) ، وطريق الصدوق إلى الأصبغ بن نباتة ضعيف.
فإن في طريقه محمد بن علي ماجيلويه ، وهو لم يثبت توثيقه وإن كان من مشايخ الرواية للصدوق.
وفي طريقه الحسين بن علوان الكلبي ، وعبارة النجاشي في رجاله موهمة (٢) ، تحتمل عود التوثيق فيها إليه أو إلى أخيه الحسن ، والظاهر أنها تعود إلى أخيه ، بقرينة الفصل بينها وبين قوله فيه : (عامي) ، لأن الوصف ب ـ (ثقة) لو كان عائداً إليه لقال : (عامي ثقة) ، ولقوله بعدُ : (وللحسين كتاب تختلف رواياته) ، وهذا قد يشعر بعدم وثاقته ، لاحتمال أن اختلاف رواياته كان ناشئاً من التخليط أو قلة الضبط ، والله أعلم.
وفي طريق الصدوق للأصبغ أيضاً عمرو بن ثابت ، وهو عمرو بن أبي المقدام ،
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ١ / ١٦٥. وسائل الشيعة ٣ / ٥٢٦.
(٢) قال النجاشي في رجاله : ١ / ١٦١ : الحسين بن علوان الكلبي ، مولاهم كوفي ، عامي ، وأخوه الحسن يكنّى أبا محمد ، ثقة ، رويا عن أبي عبد الله عليهالسلام ، وليس للحسن كتاب ، والحسن أخص بنا وأولى ، روى الحسين عن الأعمش وهشام بن عروة ، وللحسين كتاب تختلف رواياته.