مصحف فاطمة عليهاالسلام؟ أو في حيازة التوراة والإنجيل وغيرهما من الكتب السماوية غير المحرَّفة؟! مع التنبيه على أن أهل السنة لم يروا بأساً في حيازة كتب أهل الكتاب المحرَّفة والتحديث منها ، فإن جملة من الصحابة كانوا يحدِّثون بما في التوراة وغيرها من كتب اليهود والنصارى ، أو يحدِّثون عن كعب الأحبار وغيره وينسبونه إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
من هؤلاء عبد الله بن عمرو بن العاص الذي كان عنده زاملتان أو حمل بعيرين من كتب أهل الكتاب ، فكان يحدث منهما.
قال ابن كثير في تفسيره بعد أن ساق حديثاً مروياً عن عبد الله بن عمرو : والأشبه ـ والله أعلم ـ أن يكون هذا موقوفاً على عبد الله بن عمرو ، ويكون من الزاملتين اللتين أصابهما يوم اليرموك من كلام أهل الكتاب (١).
وقال أيضاً بعد أن ساق حديثاً آخر : هذا حديث غريب جداً ، وسنده ضعيف ، ولعله من الزاملتين اللتين أصابهما عبد الله بن عمرو يوم اليرموك (٢).
وذكر مثل ذلك في مواضع متفرِّقة من تفسيره ، فراجع (٣).
قلت : إن عبد الله بن عمرو بن العاص من أكثر الصحابة حديثاً عند أهل السنة (٤) ، وأحاديثه مبثوثة في صحاحهم ، وهي معمول بها عندهم ، فيا ترى كم من
__________________
(١) تفسير القرآن العظيم ١ / ٣٨٣.
(٢) المصدر السابق ٢ / ١٩٥.
(٣) المصدر نفسه ٣ / ١٠٢ ، ٤ / ٢٣٧.
(٤) لقد اعترف أبو هريرة ـ وهو أكثر الصحابة حديثاً ـ بأن عبد الله بن عمرو بن العاص كان أكثر حديثاً منه ، فقد رووا عن أبي هريرة أنه قال : ما من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم أحد أكثر حديثاً عنه مني ، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو ، فإنه كان يكتب ولا أكتب. (راجع صحيح البخاري ١ / ٦٢. سنن الترمذي ٥ / ٤٠ ، ٦٨٦ وصحّحه. مسند أحمد ٢ / ٢٤٨ ، ٤٠٣. صحيح ابن حبان ١٦ / ١٠٣. المستدرك ١ / ١٠٥. سنن الدارمي ١ / ١٣٢. السنن الكبرى للنسائي ٣ / ٤٣٤. شرح معاني الآثار ٤ / ٣٢٠).