أحد القولين في تفسير هذه الآية ، وهو مختاره أي البخاري ، وقد صرَّح كثير من أصحابنا بأن اليهود والنصارى بدَّلوا التوراة والإنجيل ، وفرَّعوا على ذلك جواز امتهان أوراقهما ، وهو يخالف ما قاله البخاري هنا. انتهى ، وهو كالصريح في أن قوله : (وليس أحد) إلى آخره من كلام البخاري ، ذيَّل به تفسير ابن عباس (١).
هذا مضافاً إلى أن القول بسلامة التوراة من التحريف في ألفاظها قول معروف لابن تيمية.
قال ابن حجر في فتح الباري عند ذكر اختلاف الأقوال في تحريف التوراة والإنجيل :
ثالثها : وقع [أي التحريف] في اليسير منها [أي من التوراة والإنجيل] ومعظمها باق على حاله ، ونصره الشيخ تقي الدين ابن تيمية في كتابه (الرد الصحيح على من بدَّل دين المسيح). رابعها : إنما وقع التبديل والتغيير في المعاني لا في الألفاظ ، وهو المذكور هنا ، وقد سُئل ابن تيمية عن هذه المسألة مجرداً فأجاب في فتاويه أن للعلماء في ذلك قولين ، واحتج للثاني (٢) من أوجه كثيرة ، منها قوله تعالى لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ (٣).
* * *
قال الكاتب : وقد جمع المحدّث النوري الطبرسي في إثبات تحريفه كتاباً ضخم الحجم سماه : (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب) جمع فيه أكثر من ألفي رواية تنص على التحريف ، وجمع فيه أقوال جميع الفقهاء وعلماء الشيعة في التصريح بتحريف القرآن الموجود اليوم بين أيدي المسلمين ، حيث أثبت أن جميع
__________________
(١) فتح الباري ١٣ / ٤٤٨.
(٢) وهو أن التحريف وقع في معاني التوراة والإنجيل ، لا في كلماتهما.
(٣) فتح الباري ١٣ / ٤٤٩.