فلا محذور بعد هذا كله في أن يخص النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمير المؤمنين عليهالسلام بما شاء من العلوم ، ولا استبعاد في أن يكتب علي عليهالسلام شيئاً مما خصَّه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم به في صحيفة أسماها أو سُمّيتْ بعد ذلك الصحيفة الجامعة ، ولا سيما أن غيره من صحابة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كانوا يكتبون بعض مسموعاتهم من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كعبد الله بن عمرو بن العاص ، كما في حديث البخاري الذي رواه عن أبي هريرة حيث قال : ما من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم أحد أكثر حديثاً عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو ، فإنه كان يكتب ولا أكتب (١).
هذا مع نص بعض أعلام أهل السنة على أن عليّا عليهالسلام كان من صحابة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الذين يكتبون حديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قال ابن الصلاح : اختلف الصدر الأول في كتابة الحديث ، فمنهم من كرِه كتابة الحديث والعلم وأمروا بحفظه ، ومنهم من أجاز ذلك ...
إلى أن قال : وممن روينا عنه إباحة ذلك أو فعله علي وابنه الحسن وأنس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص في جمع آخرين من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين (٢).
وقال السيوطي : وأباحها ـ أي كتابة الحديث ـ طائفة وفعلوها ، منهم عمر وعلي وابنه الحسن وابن عمرو وأنس وجابر وابن عباس وابن عمر أيضاً ، والحسن وعطاء وسعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز ، وحكاه عياض عن أكثر الصحابة والتابعين (٣).
والعجب أن هذا الكاتب وبعض أهل السنة ينكرون حيازة أمير المؤمنين عليهالسلام مثل هذه الصحيفة ، ولا ينكرون حيازة أبي هريرة لمثل ذلك ، فإنهم رووا أن أبا هريرة
__________________
(١) صحيح البخاري ١ / ٣٨ كتاب العلم ، باب كتابة العلم.
(٢) مقدمة ابن الصلاح ، ص ٨٧ ـ ٨٨.
(٣) تدريب الراوي ٢ / ٦٥.