للسادة. فالفُروج والأدبار عن طريق المتعة وغيرها ، والمال عن طريق الخمس وما يُلقى في العَتبات والمشاهد ، فمن منهم يصمد أمام هذه المغريات ، وبخاصة إذا علمنا أن بعضهم ما سلك هذا الطريق إلا من أجل إشباع رغباته في الجنس والمال؟؟!!
وأقول : لو درس الكاتب في الحوزة العلمية ـ كما يزعم ـ وخالط العلماء لعلم أنهم أزهد الناس في هذه الأمور ، وزهدهم وتقواهم أشهر من أن يُذكر ، ولو كانوا كما زعم الكاتب منغمسين في الجنس ومتكالبين على جمع الأموال لاشتهر ذلك عنهم وشاع ، لأن أمثال هذه الأمور لا يمكن أن تخفى مع كثرة العلماء وتفرّقهم في البلدان.
ولو سلَّمنا أن العلماء كانوا يتمتعون بالنساء فهذا لا يُعيبهم بعد ما ثبت أن المتعة كانت مستحبَّة في الإسلام وفعلها أجلاء الصحابة.
وفساد المرء لا يحصل بفعل المستحبات والمباحات الشرعية ، وإنما يتحقق باتباع الهوى المُردي الذي يوقع المرء في المحارم والموبقات كما هو واضح.
ولا ريب في أن جملة من صحابة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كثرت أموالهم وزاد ثراؤهم ، فامتلكوا الذهب والفضة والجواري والإماء (١) ، فهل أصيبوا بالفساد والانحراف من جراء ذلك؟
__________________
(١) ذكر البخاري في صحيحه ٢ / ٩٦٣ أن جميع مال الزبير خمسون مليون ومائتا ألف (لا يعلم هل هو دينار أو درهم). وأما طلحة فروى الحاكم في المستدرك ٣ / ٣٦٩ أنه لما مات كان في يد خازنه مليون ومائتا ألف درهم ، وقُوِّمت أصوله بثلاثين مليون درهم. وروى النسائي في السنن الكبرى ٥ / ٣٥٩ ، وابن أبي عاصم في كتاب السنة ٢ / ٥٦٥ عن عائشة أن أموال أبي بكر في الجاهلية كانت ألف ألف أوقية. وذكر ابن سعد في الطبقات الكبرى ٣ / ٧٦ أن عثمان كان عنده يوم قتل ثلاثون مليون درهم ، وخمسمائة وخمسون ألف دينار ، وألف بعير بالربذة ، وصدقات قيمتها مائتا ألف دينار. وذكر ابن كثير في البداية والنهاية ٧ / ١٧١ أن عبد الرحمن بن عوف ترك من الذهب ما كان يكسر بالفئوس ، وترك ألف بعير ومائة فرس ، وثلاثة آلاف شاة ترعى بالبقيع ، وصولحت واحدة من نسائه الأربع من ربع الثمن بثمانين ألفاً ... إلى غير ذلك مما يطول ذكره ، وللمزيد راجع كتاب الغدير للأميني ٨ / ٢٨٢ ـ ٢٨٦.