لتطيبوا. أو تحليل مطلقه (١) في عصر صدور الروايات لحكمة مقتضية له ، وهي شدة التقية ، فإن أخبار التحليل جلّها لو لا كلها صدرت عن الصادقَين عليهماالسلام ، وقد كانت التقية في زمانهما مقتضية لإخفاء أمر الخمس وإغماض مستحقيه عن حقِّهم ، وإلا لم يكونوا مأمونين على أنفسهم ولا على شيعتهم الذين يؤدّون إليهم حقوقهم ، فأباحوه لهم كي لا يقيموا على حرام ، ويطيب مأكلهم ومشربهم ومولودهم. ومن هنا يظهر قصور تلك الأخبار في حد ذاتها عن إفادة إباحته على الإطلاق حتى بالنسبة إلى مثل هذه الأعصار التي لا مانع عن إيصاله إلى مستحقيه ولا مقتضي لإخفاء أمره كما لا يخفى ، بل بعضها ظاهر في إرادة العفو عنه في خصوص تلك الأزمنة لبعض العوارض المقتضية له وراء الجهة المزبورة ، كقوله عليهالسلام في خبر يونس : ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك اليوم. والحاصل أن من تدبَّر في تلك الأخبار ، والتفت إلى العوارض المقتضية للعفو عن الخمس الموجودة في عصر صدورها ، لرأى قصوراً عليها عن إفادة الإباحة المطلقة. نعم بعضها كرواية أبي خديجة نصٌّ في ذلك ، ولكن لا عموم لها من حيث المورد ، بل هي واردة في المناكح والمتاجر والمواريث والعطايا ، وستعرف استثناء هذه الأمور عما يجب فيه الخمس ، كما أن جملة من الأخبار الواردة في تحليل أمهات الأولاد أيضاً ظاهرة في ذلك ، وهو مما نلتزم به كما ستعرف. ثمّ لو سلم ظهور الأخبار في العفو عن مطلق الخمس أو خصوص الأرباح مطلقاً لوجب رفع اليد عنه بالأخبار المتقدمة الصادرة عن أبي الحسن الرضا ومَن بعده من الأئمة المعصومين صلوات عليهم أجمعين ، الصريحة في عدم رضاهم بالمسامحة في أمر الخمس ، ووجوب إيصاله إلى مستحقيه ، مضافاً إلى ما عُلم مِن حالهم مِن نَصْب الوكلاء لقبض حقوقهم من الأخماس وغيرها (٢).
وقال في موضع آخر : قد عرفت في مبحث خمس الأرباح أنه لا بد من حمل
__________________
(١) أي تحليل مطلق الخمس في وقت صدور الرواية.
(٢) مصباح الفقيه ٣ / ١٢٦.