ومنه يتضح أن من تمكن من نكاح المتعة فهو ممن يجدون نكاحاً ، فلا وجه لأمره بالصبر والاستعفاف.
ولو سلّمنا جدلاً بأن المراد بالنكاح في الآية هو النكاح الدائم فقط ، فحينئذ يكون المراد بالاستعفاف في الآية هو الاستعفاف بالحلال ، لا بالصبر عن النكاح ، فيكون المعنى : وليستعفف الذين لا يتمكنون من النكاح الدائم لما فيه من المهر والنفقة بنكاح المتعة الذي يكون المهر فيه أقل ، ولا تجب فيه نفقة.
وقد ورد هذا المعنى في بعض الأخبار ، ففي خبر حريز عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قرأ : وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً ـ بالمتعة ـ حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ (١).
وعن الفتح بن يزيد قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن المتعة ، فقال : هي حلال مباح مطلق لمن لم يغنه الله بالتزويج فليستعفف بالمتعة ... (٢)
وعن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عزوجل (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) ، قال : يتزوَّجوا حتى يغنيهم الله من فضله (٣).
قلت : فالمعنى هو أن من لم تكن عنده امرأة ينحكها فليستعفف ، أي فليطلب العفة بالتزويج ، ليغنيه الله من فضله ، فإن من تزوَّج وسَّع الله عليه من فضله كما دلَّت على ذلك الأخبار الكثيرة.
ويشبه هذا المعنى الذي قلناه من أن المراد بالاستعفاف هو الاستعفاف بالحلال ، ما جاء في تفسير ابن كثير ، حيث قال : قال عكرمة في قوله تعالى وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً قال : هو الرجل يرى المرأة فكأنه يشتهي ، فإن
__________________
(١) مستدرك الوسائل ١٤ / ٤٤٨.
(٢) الكافي ٥ / ٤٥٢.
(٣) المصدر السابق ٥ / ٣٣١.