قال ابن قدامة في المغني : وليس بين أهل العلم بحمد الله اختلاف في حِل حرائر نساء أهل الكتاب. قال ابن المنذر : ولا يصح عن أحد من الأوائل أنه حرَّم ذلك. وروى الخلال بإسناده أن حذيفة وطلحة والجارود بن المعلى وأذينة العبدي تزوَّجوا نساء من أهل الكتاب ، وبه قال سائر أهل العلم (١).
قلت : ويدل عليه قوله تعالى (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ) (٢).
وأما عدم التوارث بين المسلم والكافر فقد أوضحه ابن قدامة بقوله : أجمع أهل العلم على أن الكافر لا يرث المسلم ، وقال جمهور الصحابة والفقهاء : لا يرث المسلمُ الكافر. يُروى هذا عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأسامة بن زيد وجابر بن عبد الله ، وبه قال عمرو بن عثمان وعروة والزهري وعطاء وطاووس والحسن وعمر ابن عبد العزيز وعمرو بن دينار والثوري وأبو حنيفة وأصحابه ومالك والشافعي وعامة الفقهاء وعليه العمل (٣).
قلت : ومما مرَّ يتّضح أن الزوجة الكافرة لا ترث زوجها المسلم ، وهو لا يرثها أيضاً عندهم ، وأما عندنا فهو يرثها وإن كانت لا ترثه.
وكذلك الحال فيما لو كان الزوجان مملوكين ، فإنهما أيضاً لا يتوارثان ، وذلك لأن المملوك لا يَمْلِك ، فلا يَرث ولا يُورَث.
قال ابن قدامة : لا نعلم خلافاً في أن العبد لا يرث ، إلا ما روي عن ابن مسعود في رجل مات وترك أباً مملوكاً ، يُشترى من ماله ، ثمّ يُعتَق فيَرِث ... ولنا أن فيه نقصاً
__________________
(١) المغني ٧ / ٥٠٠.
(٢) سورة المائدة ، الآية ٥.
(٣) المصدر السابق ٧ / ١٦٦.