إن السن لا تؤخر مؤخرا (١) ولا تؤخر مقدما ، بل ربما عدل بجليل الأمور ، ومهم الخطوب (الفتيان) (٢) لاستقبالهم إياها (٣) ، وسرعة حركاتهم ، وحدة أذهانهم ، وتيقّظ طباعهم ، ولأنهم (٤) على بناء المجد أحرص ، وإليه أحب وأحوج. وقد أخبر الله ـ عزوجل ـ عن يحيى بن زكريا عليهماالسلام (أنه منح) الحكمة في سن الصبى فقال : (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) (٥) ، فلم يمنعه صغر سنه من أن أتاه الحكمة وأهّله لحملها والاستقلال بها بالكتاب والقوة.
قال ابن عباس في قوله : (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) (٦) قال :
أوتي الفهم والعبارة وهو ابن سبع سنين.
وقد ذكر الله تعالى الفتية في غير موضع من كتابه فقال : (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ) عددا (٧) وقال : (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ) (٨) ، وقال تعالى : (سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ) (٩).
وقال المفسرون في قوله تعالى : (وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ) (١٠) قالوا : الشيب. ومن ذلك قال الحكماء : الشيب نذير المنية.
__________________
(١) في الأصل : (موجدا).
(٢) في الأصل : القيتان.
(٣) في الأصل : (لاستقبال أباهم) وهو تحريف في النسخ.
(٤) في الأصل : (ولا يهتم).
(٥) مريم : ١٢.
(٦) نفسها.
(٧) الكهف : ١٠.
(٨) نفسها : ١٣.
(٩) الأنبياء : ٦٠.
(١٠) فاطر : ٣٧.